نَاصِيَة: (نَحنُ مُجتمعَاتٌ مُكتَئبةٌ وسَلبيّة، لذَلك نَفرَح بنَشر الأخبَار السَّيّئة، ونَستبشِر بمَعرفة المَصَائِب، لأنَّها تُحقِّق لَنَا تَوازنًا)..!
يَا قَوم، بَدأتُ بهَذه النَّاصية، حَتَّى أَختَصر عَليكم فِكرة المَقال، التي تَدور حَول [bctt tweet=”سَيطرة ثَقَافة الإحبَاط عَلينَا، واستدعَاء كُلّ الأخبَار السَّيّئة، والمَصائب العَامَّة” via=”no”]، لأنَّها تَتمَاشَى مَع ثَقَافة اليَأس، وتُحقِّق نَوعاً مِن التَّوَازن والتَّعزية، لكُلِّ الأنفُسِ الفَاشِلَة..!
قَال المُتنبِّي: (مَصَائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ)، واسمَحوا لِي أَنْ أَقول إنَّها «فَوائِد ومَوائِد»، فهَذه المَصَائِب مِن جِهة؛ تُحقِّق تَوازناً نَفسيًّا للتُّعسَاء، ومِن جِهةٍ أُخرَى هي مَوائِد يَتحلَّقون حَولها كُلّ يَوم، حَتَّى يعزّوا أَنفسهم..!
إنَّ مَن يَتتبَّع وسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي؛ مِثل «تويتر» و»واتس أب»، يَجد طَوائِف كَثيرَة تَستَلذ وتَفرح وتَتسَابق؛ لنَشر أخبَار المَصَائِب وإخفَاقَات الآخرين، والاستبشَار بخَبَر كُلّ إنسَان يَسقط عَلى الأَرض، لأنَّ هَذا السّقوط -كَما قُلت أكثَر مِن مَرَّة- يُعطي إشَارَة لعَقل الفَاشِل بأنَّه لَيس وَحيداً في فَشلهِ..!
يَقول الإنجليز في أمثَالِهم: (الأخبَار السيّئة لَهَا أَجنِحَة)، وهَذا يَعني أنَّها تَطير بسُرعَة، وتُحلِّق في كُلِّ الأنحَاء، ومِن طَبيعة الإنسَان أنَّه يَفرح بسقُوط الآخَرين، وإنْ كَان يَروي هَذا السّقوط بلُغَةِ الحُزن والتَّعاطُف، فيَقول مَثلاً: (مسكين فُلان، شُفت كَيف طَلّق زَوجته؟ الله يَكون بعونهِ)، أَو يَقول أَحدُهم: (هَل سَمعتَ أنَّ فُلاناً سُجن بسَبب عَجزه عَن سَدَاد الدَّين؟، هَذه آَخرة مَن يَستَدين مِن النَّاس)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ نَقول: أيُّها النَّاس، إذَا أَردتُم أَنْ تَكونوا مِن النُّبلَاء، فتَرفَّعوا عَن نَقلِ الأخبَار السيّئة، ودَعوها لغَيرِكم، فكُلٌّ مُيسَّر لِمَا خُلِقَ لَه، واهتمُّوا بالنَّجَاح، فالعَاقِل مَن يَنشَغل بإصلَاح نَفسه، ويَترك تَتبُّع سَقطَات الآَخرين..!!