اخترنا لكنون والقلم

الفلسطينيون والهزيمة الجديدة للنفس

يبدو وكأن الفلسطينيين يستعدون لإلحاق هزيمة جديدة بأنفسهم إثر عمليات الفصل الجديدة من حركة فتح والمواجهات الصغيرة بين أنصار محمد دحلان وأجهزة الأمن الفلسطينية في مخيمي الأمعري وبلاطة في رام الله ونابلس. وكان الوضع تأزم بعد تظاهرة نظمها أنصار دحلان في غزة شهدت حرق صور الرئيس الفلسطيني محمود عباس تبعها مؤتمر عين السخنة في مصر بواسطة مركز دراسات مصري، ومع أن المؤتمر شارك فيه باحثون وشخصيات من غزة على الأغلب، ووجه التحية إلى الرئيس الفلسطيني، إلا أن ورود عبارة في بيانه عن إصلاح داخل فتح اعتبر خدمة لدحلان الذي يخوض أنصاره معركة البقاء داخل الحركة قبل انعقاد مؤتمرها السابع المتوقع في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي حالة عقد المؤتمر دون تسوية داخلية لأوضاع عدد من المفصولين من الحركة، بينهم عضو المجلس التشريعي دحلان وعدد من أعضاء المجلس الثوري من أنصاره، فإن هذه الشريحة ستبقى خارج حركة فتح نهائياً ما يعني حدوث انشقاق جديد في الحركة يضاف إلى انشقاقات سابقة تلاشت مع الزمن، حدثت في دمشق بعد الخروج من بيروت. وهذا يعني أن تيار دحلان سيضطر إلى إعلان نفسه إما تنظيماً فتحاوياً جديداً أو يشكل تياراً تحت مسمى جديد.
وكان دحلان كشف في لقاء رمضاني عن خياراته أمام عدد من الحضور في عشاء رمضاني العام الحالي قائلاً إنه لا يفكر في الانشقاق وأنه يرمي إلى فصل السلطات في منظمة التحرير والسلطة وفتح، بحيث لا تتكدس الرئاسات لهذه الأجسام الثلاثة في يد شخص واحد، وإنه قد يضطر لتشكيل تيار وطني متنوع يضم المستقلين والفتحاويين. وحتى الآن لم يتبين موعد محدد للمؤتمر السابع لحركة فتح، حيث تدور مناقشات بين قرابة خمسين عضواً من الثوري، وعدد من المجلس الاستشاري ممن يريدون إرساء أسس ديموقراطية جديدة من بينها انتخاب أعضاء الثوري أولاً ثم يترشح من بينهم أعضاء المركزية ويتم انتخابهم من المؤتمر’ وليس كما في السابق حيث يجري انتخاب أعضاء الثوري على حدة والمركزية على حدة، والهدف كما يبدو أن ينجح أعضاء المركزية في انتخابات الثوري.
وهكذا فالمعركة مازالت مفتوحة داخل فتح، وهناك من يتهم حماس بدعم تيار دحلان في مواجهة تيار الرئيس عباس من خلال السماح لهم بالنشاط العلني وتنظيم مظاهرات، لأن حماس معنية بإضعاف فتح وليست معنية بخدمة تيار دحلان بالتحديد لأنها بعد أن أعلنت أن حكومتها المقالة ستعود لتولي الحكم في غزة ارتأت أن جولة جديدة من الحوار مع فتح في الدوحة جديرة بالحضور لعلها تقتنص بعض مطالبها المرفوضة في السابق من فتح كرواتب موظفيها.
وكانت فتح أعلنت قبل أسابيع أن هناك جولة حوار في الدوحة لكن حماس نفت وجود فكرة لاستئناف الحوار في العاصمة القطرية إلا أنها وبعد تفاقم الوضع في فتح وتعرض علاقات الرئاسة الفلسطينية للاهتزاز مع بعض الدول العربية وفقدان الأمل في أي تواصل جدي مع «الإسرائيليين» الذين يشنون حملة ضد أبو مازن ويتهمونه ب «الإرهاب السياسي» وتردي علاقاتها مع الإدارة الأمريكية عادت لقبول الحوار مجدداً لعلمها أن السلطة في مأزق وتركز على المصالحة معها بدلاً من المصالحة داخل فتح. ربما أن جولة الرئيس الفلسطيني في كل من تركيا وقطر خلال الأسبوع الماضي كانت في سياق ضبط الأمور مع حماس لإعادة إطلاق حوار المصالحة ليس إلا.
هناك من يرى أن غياب الحل الديمقراطي على الساحة الفلسطينية أدى إلى هذا التعقيد العجيب في الوضع الداخلي. فلو جرت انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة لخرج الفلسطينيون من المأزق لكن تجربة محاولة إجراء انتخابات محلية للمجالس البلدية أكدت صعوبة ذلك، لأن حماس تتصرف وكأنها سلطة شرعية أولى في غزة ولا تريد التنازل.
عملياً لا يوجد ما هو شرعي أو قانوني في الساحة الفلسطينية لأن المجلس التشريعي انتهت فترته والرئاسة انتهت فترتها، وبالتالي لا يمكن لأي طرف أن يدعي القانونية الآن. والحل كما يراه الأسير مروان البرغوثي هو الذهاب إلى صندوق الاقتراع، وعبّر عن ذلك في رسالة شفهية أرسلها عن طريق محاميه إلياس صباغ وطلب منح الشباب فرصة أكبر في مؤتمر فتح، وهو يعلم أنه لا يحظى بود من أغلب أعضاء مركزية فتح لكنه يحظى بأغلبية شعبية يستطيع بواسطتها أن يقلب الطاولة على الجميع إن شاء لكنه يحاول أن يبقى قائداً وطنياً له علاقات طيبة مع كل الفصائل والتيارات كما كان قبل اعتقاله قبل حوالي 15 سنة تضاف إليها خمس سنوات سجناً قبل ذلك.

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى