نون والقلم

اتحاد خليجي ونظام عربي جديد..متى؟

} يعرف القادة العرب جميعا اليوم أنه طوال تاريخها كله لم تتعرض المنطقة العربية لمثل هذه الهجمة الخبيثة من «حروب الجيل الرابع» وتشكيل جماعات الطابور الخامس تحت مسمى المعارضات (إلا استثناءات) إلى جانب مواجهتها للإرهاب والتطرف المليشياوي العسكري، والجميع داخلون في إطار أدوات «حروب الجيل الرابع والخامس» تلك، والتي يضاف إليها أيضا الكثير من المنظمات الحقوقية المحلية والخارجية والنشطاء وإعلام خارجي موجه بأدوات محلية أيضا لتشويه صورة الوطن (فلكل بلد عربي أدواته المدربة والممولة والموجهة للقيام بالمهام المطلوبة)! وإن انضم إلى هؤلاء (المغفلون والسذج) الذين يتم استخدامهم بأثمان بخسة، فذلك من المضحكات المبكيات!
} المنطقة العربية والخليج هما في وسط الإعصار اليوم بعد أن طالت الغفلة وجاء الاستيقاظ متأخرا، ليواجه الإعصار الذي يريد اقتلاع كل شيء فيما الطرف أو الأطراف الأخرى أعدوا جيدا منذ عقود طويلة لهذا المشهد الذي نراه اليوم وحبكوا سيناريوهاته، بل وضعوا البدائل في حال فشل أحدها!
فما تواجهه المنطقة العربية ليس مجرد إرهاب داخلي أو خارجي (قاعدة ودواعش وحوالش) إنما هي محاولة لتدمير وتمزيق جغرافيا الأوطان وتمزيق الشعوب ووضع (دمى) تحكم البلاد العربية كما فعلوا بالعراق كنموذج ظاهر وواضح!
} لذلك ولغيره (لم يعد بإمكان الدول العربية أن تواجه حجم المخططات الكبير والخطير، بالآلية ذاتها التي كانت تعمل بها)، هناك حاجة ماسة إلى أخذ الأمور على محاملها الحقيقية وبسرعة وحذق، وخاصة أنها تلعب في الوقت الضائع! وهذا يعني أن لديها فقط (بصيص أمل) في إنقاذ نفسها وشعوبها، وليس كل الأمل! هذا الحكم بالنسبة إلى من يقرأ الصورة وخلفياتها بشكل صحيح.
} قبل أن ندخل في الحديث عن بناء «نظام عربي جديد» الذي هو العلاج الأنجع لأزمات هذه الأمة المستفحلة ما بين أزمات طبيعية وأخرى مصطنعة ومدى إمكانية بناء مثل هذا النظام فإن السؤال المهم الذي يطرح نفسه: هل وعت الأنظمة العربية فعلا ما تمر به دولها والمنطقة ككل؟) وهل أدرك العرب «قادة وشعوبا» أنهم اليوم يمرون «بتحديات وجودية» أم أن هناك من لايزال يستخف بالأمر، ويعتقد أنه في منجاة من النهايات الكارثية المرسومة لكامل المنطقة؟!
} في الواقع وبحسب قناعتي أن بعض الأنظمة وعت والبعض الآخر للأسف منخرط في أوهامه الذاتية في المخطط التدميري ضد العرب! وهناك فئة ثالثة أصبحت اليوم وكأنها خارج النطاق العربي لأنها واقعة تحت الهيمنة الإيرانية ضد المصلحة العربية العليا وضد الأمن القومي العربي وخاضعة للرؤى الثيوقراطية التدميرية للبنى العربية وللوعي العربي ولمفاهيم الوطنية والمواطنة!
} في وسط هذه الفسيفساء في الوضع العربي الراهن تدور أكبر التحديات الوجودية في المنطقة، وحيث لم يعد المهدد الوجودي كما كان قبل عقود هو «الكيان الصهيوني» وحده وإنما أصبح «العدو الصفوي» بارزا في تهديداته ومطامعه وتوسعاته من دون أن يفقد العدو الصهيوني حقيقة عدائه للعرب وأطماعه الصهيونية في إسرائيل الكبرى! وإنما أصبح أكثر خبثا ودهاء، ولاعبا من خلف الستار حتى ظن بعض العرب أن بالإمكان التطبيع معه فلا خوف منه رغم أنه وراء أغلب ما يحدث للعرب! هكذا بلغ التمويه للوعي العربي وبشكل موجه ومقصود حين ظهر عدو آخر هو «العدو الصفوي» وكأن ظهوره يلغي العدو الصهيوني!
} لقد أصبحت أدوات هذين العداءَين البارزين للأمة العربية هي أدوات مختلطة أو مشتركة أو مزدوجة الهوية! تحركها عناصر الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية والغربية والإيرانية حتى يختلط حابل «الدواعش» بنابل «الحوالش» وبالطابور الخامس من المعارضات العربية (إخوان وولائيين ويسار) وقد حدث!
وكل ذلك يتحرك على مسرح سيناريوهات «الشرق الأوسط الجديد» المرسومة بإتقان وحرفية عالية من القائمين على آليات «حروب الجيل الرابع» لتفتيت الدول العربية والعبث بمصائر شعوبها، وخلف كل ذلك ينتظر الكيان الصهيوني نقطة الصفر للانقضاض ولإعلان (حكومته التلمودية العالمية)!
} لذلك كله لا شك اليوم أن الحاجة باتت ماسة وضرورية، سواء إلى إعلان الاتحاد الخليجي بمن يوافق عليه في البداية وإعلان «نظام عربي جديد» يأخذ بالأسباب كلها لدحر هذا المخطط الافعواني المدمر!
ومرارا كتبنا وكتب غيرنا من المخلصين عن أهمية التسارع في إعلان الاتحاد الخليجي هذا، ومرارا كتبنا أن بإمكان المنطقة العربية من خلال تكتل دولها (بالطبع الناجية منها حتى اللحظة) وليس بالضرورة كل الدول بإمكانها أن تكون كتلة عربية عظمى في العالم، وهذا يستوجب في البداية مراجعة بنود ومرتكزات الجامعة العربية، وتغييرها، لتتناسب مع خطورة المرحلة الراهنة، سواء من حيث دستورها أو من حيث فاعليتها القانونية والدفاعية أو فاعليتها السياسية وإلغاء بند الإجماع فيها.
نقلا عن صحيفة أخبار الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى