أظهرت الأرقام والإحصائيات الصادرة عن مصالح الجمارك الجزائرية بلوغ العجز في الميزان التجاري الجزائري مستوى غير مسبوق منذ الاستقلال، بل إنه يقارب حصيلة إجمالي ما سجل من عجز منذ 1963 أيضا. وتوقع مصدر مالي أن يتجاوز العجز هذه السنة سقف 10 ملايير دولار، رغم تسجل انخفاض محسوس في الواردات هذه السنة.
ووفقا لتقديرات مصالح الجمارك دائما، فإن الجزائر سجلت عجزا بـ1,702 مليار دولار في سنة 1975، مقابل 1,297 مليار دولار سنة 1977، بينما بلغ العجز سنة 1978 ما قيمته 2,558 مليار دولار وهd أعلى قيمة عجز تسجله الجزائر قبل المستوى القياسي لسنة 2015، فيما بلغ مستوى العجز سنة 1986 حوالي 1,393 مليار دولار، في وقت بلغ العجز سنة 1994 حوالي 1,025 مليار دولار.
وقد سجل الميزان التجاري الجزائري ما بين 1963 و2015، 16 مرة عجزا بحساب العجز القياسي للسنة الحالية والمقدر في الفترة الممتدة ما بين جانفي وجويلية 2015 بحوالي 8,041 مليار دولار.
ورغم سلسلة التدابير المعتمدة من قبل السلطات العمومية والحكومة لكبح جماح الواردات وتقليصها، إلا أن انهيار أسعار النفط مع معدل سنوي يعادل 57 دولارا إلى غاية بداية أوت، لم يسمح بتفادي الاختلال الكبير المسجل في الميزان التجاري، مع أن الحكومة أقدمت أيضا على تخفيض قيمة الدينار واستفادت من ارتفاع محسوس لقيمة الدولار مقابل الأورو، مع العلم أن واردات الجزائر بنسبة 55 في المائة من دول الاتحاد الأوروبي أي بالأورو، بينما صادراتنا بالدولار الأمريكي.
ويلاحظ أن معظم العجز المسجل في الميزان التجاري الجزائري تزامن مع أحداث عرفتها الجزائر، ففي فترة 1965 و1966، شهدت الجزائر حدثا سياسيا هو الإطاحة بالرئيس بن بلة، بينما جاء عجز سنة 1978 متزامنا مع مرض ثم وفاة الرئيس هواري بومدين، ثم أزمة السوق البترولية في 1986 وأزمة المديونية الخارجية والاتفاقيات المبرمة مع صندوق النقد الدولي في 1994 و1995، لتستفيد الجزائر بعدها من حوالي 20 سنة من الفائض المعتبر في الميزان التجاري بداية بـ1996، حيث تم تسجيل فائض تجاري بـ4,277 مليار دولار و5,202 مليار دولار في 1997، مع تسجيل تقليص على خلفية تراجع أسعار البترول في 1998، دون تسجيل عجز، حيث بلغ الفائض 810 مليون دولار، لكن الانخفاض كان ظرفيا، حيث عرف الفائض في الميزان التجاري مستوى مرتفعا ما بين 2005 و2014، إلى غاية انهيار الأسعار البترولية هذه السنة وانعكاساته على الميزان التجاري، هذا التأثير السلبي يسري أيضا على ميزان المدفوعات الذي يسجل بدوره عجزا معتبرا، وهو ما يؤثر بدوره على عجز الخزينة والموازنة الذي بلغ مستوى قياسيا بدوره هذه السنة، حيث قارب 49 مليار دولار، ما يساهم في امتصاص جزء من الموارد المالية في صندوق ضبط الموارد واحتياطي الصرف الذي يتوقع أن يبلغ حوالي 125 إلى 130 مليار دولار كأقصى تقدير مع نهاية السنة الحالية.
نقلا عن صحيفة الخبر الجزائرية