نون والقلم

الصمت نعمة

من نعم رب العالمين على البشر، المواهب، فهناك موهبة عند كل إنسان، يجيدها ويتفاخر بها، وقد تكون سبباً في شهرته أو توفير رزقه. الرسام، ذلك الشخص، الذي يستطيع أن ينقل ما يشاهده بكل تفاصيله، وجوه أو مناظر طبيعية، وهناك من يبدع في لوحات تجريدية، تتبع مدارس اشتهرت في العالم، والخطاط، ذلك الذي يجعل الحروف ناطقة، وجاذبة تبهر الناظرين، وهناك النجار والحداد ولاعب الكرة والسباح وحامل الأثقال ومئات من المواهب.

والكلام موهبة، سبحان الله، كثرته وقلته، فكما يعتبر الخطيب المفوه موهوباً، فإن ذلك الذي لا يتكلم كثيراً، ويتخذ من الصمت ملاذاً يعتبر أيضاً موهوباً، خاصة عند المشاهير من الناس، أولئك الذين يعتبرون محل اهتمام فئة كبيرة من أفراد المجتمع المحلي أو العالمي، مثل المغنين والممثلين ولاعبي كرة القدم والموسيقيين، الذين يجذبون المتابعين كلاً في مجاله، بإبداعاتهم، ومواهبهم المميزة، التي لا يجدونها عند غيرهم، ولا ننسى أهل السياسة، وقد اعتدنا على المفوهين منهم، الذين إذا تكلموا أسروا المستمعين، بطلاقة لسانهم، وفصاحة قولهم، ونبرة صوتهم. ويقابلهم أولئك الذين يتولون مناصب سياسية، ولا يتحدثون، فيطيلون البقاء في مناصبهم، حيث يستعيضون عن الكلام بهالة يرسمونها حولهم، عبوس، وأنف مرفوع إلى فوق، ونظرات حادة، ومشية متأنية، ولباس أنيق.

وينكشف صاحب الموهبة إذا لم يقنع بما أنعم الله عليه، وأراد أن يقلد غيره، ولنأخذ ذلك الصامت مثالاً، فهو يرتكب كوارث بحق نفسه إذا قرر أن يكون متحدثاً. أما إذا كان مسؤولاً، أي صاحب منصب، ويمثل بلداً يعبر عنه، فالكارثة ستطال المكانة، والقيمة التي يمثلها. وهناك كثيرون نتمنى لو أنهم يصمتون- كما عوّدونا- ولا يتحدثون، لا ينطقون، ولا يكشفون ضحالة ما يخفون تحت المظاهر البراقة، التي صنعوها سنين طويلة.

[bctt tweet=”الصمت نعمة لمن اعتادوا عليه، وبالتأكيد يملك هؤلاء مواهب أخرى” via=”no”]، يمكن أن يستمروا في ممارستها، أما الحديث أو الكلام فهم لا يملكون قياده، وحتى لا تذهبوا بعيداً مع كلامي هذا، [bctt tweet=”أقول لكم: انظروا إلى دونالد ترامب ماذا فعل به الكلام، وكيف فضح نفسه بمحاولة تقليد الزعماء؟!” via=”no”]

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى