نون والقلم

الموصل بوابة إيران إلى شواطئ المتوسط

إذا تمكنت ايران ومعها الحكومة العراقية، وقوات الحشد الشعبي، مع الدعم الاميركي، من تحرير مدينة الموصل، من قبضة تنظيم «داعش» ، تكون طهران قد وصلت الى البحر الابيض المتوسط ، مباشرة، عبر الامتداد من ايران مرورا بالموصل ثم الحسكة فالرقة السورية، وصولا الى حلب، واللاذقية، وشواطئ المتوسط.
هذه اولى نتائج الحرب اذا حسمها هذا المعسكر لصالحه، وللاسف، فأنه بذريعة «داعش» يتم محو وجه تلك المناطق السنية، وتصنيعها ديموغرافيا بشكل جديد، والتنظيم هنا، يقدم الخدمة الاكبر، لاولئك الباحثين عن ذريعة، للفصل بين مكونات الشعب العراقي.
بهذا المعنى، ستتمدد ايران، على شكل قوس، من ايران، وصولا الى البحر الابيض المتوسط، بما يعنيه هذا الامر، من تأثيرات على مستويات مختلفة، تضاف اليها، تأثيرات الوجود الايراني في الخليج العربي، وقرب مضيق هرمز، ثم البحر الاحمر، ومضيق باب المندب، عبر قوات الحوثيين، والمقاتلين الموالين لعلي عبدالله صالح.
القصة ليست تطهير المدينة وحسب من تنظيم «داعش»، فهناك حسابات خطيرة جدا، تتعلق ببنية المدينة الاجتماعية، ومستقبلها، وتقاسم الاراضي فيها، وهذا يفسر توتر الاتراك، من جهة، وقلق الاكراد، فتعقيدات معركة الموصل، مختلفة عن كل المعارك السابقة، في العراق وسورية، وهي تصب في ذات البئر، التي تصب فيها معركة حلب حاليا، ونحن امام بوابتي حلب والموصل، وهما فاصلتان بكل المعاني.
المفارقة ان [bctt tweet=”الاميركان سيحاربون في الموصل، والروس يحاربون في حلب، والمستفيد النهائي، الذي تعمل كل الاطراف لمصلحته، هو ايران حصراً” via=”no”].
لكن هل ستنتهي معركة الموصل بهذه البساطة، في ظل قيام تنظيم «داعش»، بحفر الخنادق، وتسييل النفط في قنوات محفورة حول الموصل لاشعال النيران فيها، وتحويل المدنيين الى دروع بشرية فعليا، في الموصل، اضافة الى ان كل المعلومات تتحدث، عن خطط التنظيم للانتقال الى شرق سورية، اذا تمكنت القوات المحاربة، من انهاك التنظيم في المدينة؟!.
يضاف الى ماسبق، الكلام، عن كارثة انسانية، سيتم تلوينها بلون طائفي، والتوقعات الدولية تتحدث عن اكثر من مليون لاجئ عراقي محتمل، وكلهم من السنة، سيقومون بالفرار من المدينة، اذا تمكنوا من ذلك اساسا، نحو مواقع عراقية وسورية وتركية، وهم بحاجة الى اغاثة انسانية وصحية وغذائية، دون ان ننسى هنا، ان التوتر الدولي في اعلى درجاته، تخوفا من ممارسات كتائب الحشد الشعبي، المدعومة ايرانيا، ضد اهل الموصل السنة، مع وجود موروث انتقامي  غرب العراق، اثبت ان المدنيين من الرجال والنساء والاطفال، لن يكون بأمكانهم النجاة، مادام الكل يضعهم في ذات سلة تنظيم «داعش».
نحن بلا شك امام مجزرة مقبلة في الموصل، فالتنظيم من جهة، يحارب وسط المدنيين، ومهما بذلت القوات المهاجمة من جهود، فأنها لن تتجنب كثيرا من سفك دماء المدنيين، هذا اضافة الى ان الحكومة العراقية، ومن واقع تجارب سابقة، لاتأبه كثيرا، بمآلات المدنيين العراقيين السنة، بل لربما تريد ان تستفيد من المعركة، لدفع المدنيين الى الفرار خارج المدينة، بحيث نكون امام « طريق دولي شيعي» تم تطهيره كليا، من السنة، لصالح ايران.
يرى محللون هنا، ان واشنطن، التي سوف تقدم الدعم الجوي، لتطهير الموصل من «داعش»، هي ذاتها واشنطن التي تعترض على مايفعله الروس ضد السوريين بذريعة «داعش ايضا»، والمفارقة كما اشرت، ان واشنطن وموسكو، تحت ذات عنوان «داعش» تتسببان للمدنيين بويلات غير مسبوقة في الحروب، ولصالح طرف واحد مستفيد، من وجود داعش، لصالح التغييرات الديموغرافية-المذهبية في المنطقة.
يبقى السؤال عالقا، حول الذي تخطط له واشنطن، مابعد معركة الموصل، اذا انتهت سريعا، لضمان ألاّ يقطف المعسكر الايراني- الروسي ثمار الخلاص من»داعش»، في كل المنطقة، والكل يعرف ان واشنطن في توقيت الانتخابات ومابعدها، تكون مشلولة سياسيا، وغير قادرة على التحكم بالنتائج الى حد كبير، الا اذا قررت واشنطن فتح ثغرة في سورية، لتخفيف ارباح الروس والايرانيين، عبر اي عمليات قد تقوم بها، وهذا يضع العالم على حافة حرب كبرى، من جديد.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى