نون والقلم

يا عزيزي كلنا مدمنون!

كتبت مرة عن العيادات التي تعالج إدمان الناس على الموبايل والإنترنت ومواقع التواصل، وهي عيادات جديدة انتشرت في أوروبا أخيراً، وأفرزتها الحاجة لتعديل السلوك الإنساني الاجتماعي، بعد انتشار مواقع التواصل التي أثرت في طبيعة العلاقات ومستوى والإنتاجية في العمل، والقراءة بين الشباب، بسبب إدمان الناس على «تويتر» و«فيسبوك» بشكل جنوني وغير مسبوق.

على موضوع العيادات ذاك، علق أحد القراء قائلاً: «نحن كمسلمين وكشرقيين، لا نعاني مثلما يعانون هم في الغرب من ضعف المشاعر وانهيار نظام العلاقات الإنسانية بسبب مادية وفردية المجتمع عندهم»!

لا أدري متى سنتخلص من هذه الأحكام العاطفية المطلقة والخاطئة التي غالباً ما نلجأ إليها لندافع عن أنفسنا ولنحمي الصورة التي كرسناها في أذهاننا عن ملائكية المجتمع الذي يصحو أفراده مع صياح الديكة مبتسمين يقبلون رؤوس أمهاتهم ووجنات زوجاتهم، يتزاورون طوال الوقت وينامون بعد صلاة العشاء، بعد أن يكونوا قد قضوا جزءاً من المساء في زيارة جيرانهم الطيبين!

في الحقيقة لا أحد في العالم الإسلامي وفي الشرق كله يصحو مبتسما، إلا إذا كان قد أُبلغ الليلة الفائتة بأنه فاز باليانصيب، أو أن اليوم إجازة، ماعدا ذاك، فالناس هنا كما في كل مكان تماماً، غارقون حتى ما بعد آذانهم في مواقع التواصل يكتبون أشياء لا أهمية لها أو يشتمون غيرهم لأنهم قالوا إن فواتير الاتصالات باهظة أو يكفرونهم لأنهم ينتمون لمذهب مختلف!

ولنكون موضوعيين علينا أن نحذر توزيع التهم، فإدمان الهواتف النقالة ومواقع التواصل لا يقتصر على الشباب أو الأطفال والمراهقين، إن أولئك الآباء والأمهات الذين يقدمون النصائح لأبنائهم بالابتعاد عن الإنترنت، وأولئك الكتاب والصحفيون الذين يكتبون حول التهديدات الثقافية والاجتماعية لإدمان الإنترنت، وأساتذة الجامعات والأطباء والمعلمون وغيرهم، الجميع متورط فيما يمكن تسميته إدمان العصر، وكلنا بحاجة لتلك العيادات!

لقد أصبح الجميع ينشئ «جروب عائلي» على «واتس آب»، لتتواصل العائلة من خلاله، مع أنهم قريبون من بعضهم بمسافات لا تذكر، مع ذلك لا يرى أحدهم الآخر إلا في المناسبات!

لدينا إشكاليات عدة في علاقاتنا الاجتماعية كغيرنا من شعوب الأرض، وعلينا أن نعترف بها كما يعترف الآخرون، لأن الاعتراف يحل المشكلة أما الإنكار فيعقد المشاكل ويفاقمها أكثر!

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى