يقوم الإعلام بدور بارز في تكوين الرأي العام من خلال أجهزته العديدة المؤثرة مثل الصحافة والإذاعة والتليفزيون والسينما والمسرح والكتب ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر من أهم وسائل الإتصال بالجماهير, إن هذه الوسائل المؤثرة تعمل متضافرة، وفي اتساق وتكامل على تكوين رأي عام في مختلف الموضوعات والظروف والأوضاع والمشاكل التي تطرح نفسها على الأذهان والتي تتعلق بمختلف النواحي الدينية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية.
ويعتبر التليفزيون هو أحدث وسائل التأثير في الرأي العام وأخطرها أيضاً لأنه يقدم الكلمة المسموعة والكلمة المرئية في آن واحد معاً ولقد اتضحت في السنوات الأخيرة خطورة وأهمية التليفزيون وأثره في تكوين الرأي العام، لأنه أقرب وسيلة للاتصال والمواجهة من جهة ومن جهة أخرى أن برامجه في أغلب الأحيان محلية ومن هنا كان أكثر قدرة على مخاطبة الرأي العام والتأثير فيه, ونضرب للقارئ الكريم مثال في برنامج عرض على إحدى القنوات الفضائية العراقية في شهر رمضان
إسم البرنامج ( شي بي شي ) وهو برنامج فكاهي ساخر, وفي إحدى الحلقات وضع معدو ومقدمي هذا البرنامج فقرة استطلاع رأي وهي عبارة عن سؤال من وحي خيال المعدين ولا وجود لها في الواقع وهي عبارة عن سؤال وهو ( هل رأيت الرئيس الأميركي أوباما وهو يدخن الأركيلة ؟ وهل تتوقع قيامه بهذا الفعل ناتج عن حرقته على الوضع في العراق أم إنها عادة لديه ؟ ) ونزل مقدم البرنامج إلى الشارع وأخذ يوجه هذا السؤال إلى كافة الشرائح العراقية, وكانت المفاجئة إن كل من التقى بهم المقدم وطرح عليهم السؤال المذكور إنهم أجابوا بانهم شاهدوا أوباما وهو يدخن الأركيلة لكن الإختلاف كان بين من يعتقدون إن سبب تدخين أوباما للأركيلة هو حرقته على الوضع المتأزم في العراق وبين من يرى إنها عادة لديه !!.
ولو تمعنا جيداً في ذلك لوجدنا إن الإعلام في هذا البرنامج قد تلاعب برأي الشارع ووضع أمامه حقيقة وهي إن أوباما زار العراق ودخن الأركيلة لكن وضع فقرة سائبة جعلها على عاتق المواطن وهي الدافع والسبب الذي جعل أوباما يدخن, وبهذا حصل البرنامج على رأي ثابت وهو إن الكل شاهد أوباما في العراق وهو يدخن الأركيلة, أي إن الإعلام تلاعب بعقل المواطن وقدم له معلومة زائفة على إنها حقيقة وواقع, فعندما يأتي مواطن ويشاهد كاميرا ومقدم معروف وفضائية معروفة وتطرح عليه سؤال يحوي على معلومة صُوّرت له على إنها حقيقة مع ملحق تحليلي ( ما سبب تدخين أوباما ) وهذا ما يجعل المواطن بأن يعتقد بصحة المعلومة المقدمة وهذا ما جعل كل من التقى بهم مقدم البرنامج يقولون بأنهم شاهدوا أوباما في العراق وهو يدخن الأركيلة, لكن الإختلاف كان بالجزء التحليلي وهو سبب تدخين أوباما.
ومن هذا النموذج البسيط يتضح لنا كيف يستطيع الإعلام بأن يتلاعب بعقول الناس ويضع أمامهم معلومات غير حقيقية ويجعلهم يعتقدون ويصدقون بها وهي أساساَ ولا وجود لها, فما بالك إذا كانت هناك معلومة حقيقية ويريد أن يضخمها الإعلام ؟ تصور كيف سيصنعها ويقدمها الإعلام, مثلا الجهات الدينية أو بالأحرى التي تسترت بالدين ممن تملك المال وتملك الإعلام نفسه كيف لها أن تخدع الناس وتؤثر بالرأي العام وتجعله مسيراً لها من خلال ما تملكه من ماكينة إعلامية وأموال وعلى سبيل المثال لا الحصر المرجعيات الدينية وبالتحديد مرجعية السيستاني تلك المرجعية الخاوية الفارغة من كل مقومات المرجعية ومؤهلاتها العلمية والثقافية والفكرية والدينية, فنشاهد الإعلام قدمها ويقدمها على إنها مرجعية « صمام أمان» ومرجعية قائدة وتملك من العلم ما يفوق الجميع وهذا ما جعل الناس تعتقد وتؤمن وتصدق بكل ما نسبه الإعلام المأجور لتلك المرجعية.
وهذا ما يدفعنا لطرح ما طرحه المرجع العراقي الصرخي من تساؤل في محاضرته الخامسة من بحث « السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد » حيث تسائل المرجع الصرخي قائلاً …
((… لا يخفى على الجميع إن مجتمعنا وعصرنا قد اجتاحته الفتن ومضلات الفتن فأين السيستاني منها؟ وأين علمه الذي يجب أن يظهره عند ظهور الفتن؟ …. كيف سيحصل ذلك ونحن لم نسمع منه ولو كلمة ولم نقرأ له ولو كلمة خطها بيده؟ بل لم نره منذ أكثر من عشر سنين ! ولم يرفض الإعلام والتصوير والصور والترويج له والكلام بإسمه وكل المديح الكاذب والإعلام المزيف والدعوة للمرجعية الفاشلة الجاهلة.. لم يرفضها, وأعطى الرشا واشترى الذمم وبحث عن الواجهة واخذ والتقط الصور في بداية أيام وأسابيع واشهر الاحتلال وأيضاً صُور وصور نفسه عندما ذهب إلى لندن لعملية القسطرة, إذن لا يوجد مانع من التصوير والصور! فلماذا لم نشاهد له أي شيء: حديث.. أي صورة حديثة.. أي صوت حديث.. أي كلام حديث.. لم نشاهد هذا! ولا نعلم من يدخل إلى بيته من السياسيين والرموز، هل يلتقي به أم بشبيهه أم بأخيه أم بإبنه أم لا يلتقي بأحد فيخرج فاشلا وليس عنده إلا أن يكذب ويدلّس فيقول التقيت به!!, أين علمُهُ؟!! وأين التزامه بنصْحِ وإرشاد وأوامر المعصومين وخاتمهم القائم بالقسط والعدل والإحسان (عليهم السلام)؟!! فأين السيستاني من أمانة العلم وثقلها والوفاء بها إن كان عالمًا؟!! فهل سُلِبَ نور الإيمان؟!! …)).
فمع وجود الفتن العقائدية والفكرية والطائفية ومع وجود الأزمات السياسية ومع كثرة القتل والتهجير والدمار الذي لحق ويلحق بالعراق وشعبه والإعلام يصور السيستاني على إنه هو صمام الأمان وهو صاحب الحل والعقد في كل تلك الأمور والناس تصدق وتؤمن وتعتقد بذلك !! بينما الواقع يؤكد بأن السيستاني لا يمتلك أي قدرة على حل أبسط مشكلة أو أزمة بل إنه هو السبب في كل ما أصاب العراق من أزمات وعلى كافة الأصعدة والمستويات, فكما صور الإعلام بأن أوباما جاء للعراق ودخن الأركيلة وصدق الناس بذلك وهي قضية خيالية كذلك يصور الإعلام السيستاني بأنه رجل الأمان في بلد ضاع به الأمان !! رجل العلم وهو لا يملك منه حظاً أو أثراً يُذكر.