من سيقبل اليوم بأن يخضع لقانون رعاية الإرهاب الأميركي، ويسمح بأن تحاكم بلاده في المحاكم الأميركية بناء على قضايا مرفوعة من الأفراد، غداً لن ينطق بكلمة إذا قررت الولايات المتحدة سحب أي مواطن من موطنه ووضعه في قفص الاتهام في واشنطن.
هو منطق التدرج، خاصة إذا كان صاحب القرارات يرى نفسه فوق الجميع، وأهم من الجميع، أو بعبارة شعبية «من ركبه الغرور وافترى». فهذا الذي نراه افتراء على سيادة الدول وحقوقها المكفولة في القوانين الدولية، وهو افتراء على العدالة، فلا يمكن أن يكون مصدر القانون وصاحب الدعوى والهيئة القضائية يتبعون جهة إدارية وتنظيمية واحدة، فالعدالة لا تتحقق إذا غاب الحياد، ومحاكم الولايات المتحدة لن تكون محايدة في تطبيق ذلك القانون، فالأهواء ستكون حاضرة بقوة، والضغط السياسي والإعلامي سيوجهان القضاء وليست النزاهة.
لقد كانت «غوانتانامو» مثالاً سيئاً للعدالة الأميركية، وكانت قوانين الاحتلال في العراق واتفاقات حماية الجنود الأميركيين من المساءلة أكثر سوءاً، فقد تجسد الإنسان المستبد بأبشع صوره، مستنداً إلى القوة التي لا تقهر، ومدفوعاً من رغبة جامحة في الانتقام، وقد دفع الأبرياء الثمن غالياً، ونزفت الإنسانية من كرامتها الكثير.
أوباما، هذا الرئيس الذي لا يزال في البيت الأبيض، تحدث عن الغطرسة واللاإنسانية خلال حملاته الانتخابية، عندما كان يحلم بأن يكون رئيساً في 2008، وأطلق وعوداً بلع أكثرها في سنوات قيادته لأعظم دولة، وها هو يختم حياته الرئاسية بقانون فيه ازدراء للعالم، ولا تصدقوا تمثيلية «الفيتو» الرئاسي الذي سقط، وقد قلت لكم قبل سقوطه وتجاوزه في الكونغرس بأنه، أي أوباما، لن يعطل القانون، وها هي زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب تقول إن الرئيس لم يضغط لوقف القانون، أي أنه لم يكن جاداً في رفضه لقرار المجلس!!
لن تتراجع الولايات المتحدة عن قانون إرهاب العالم إلا إذا رفض العالم التعامل معه، برفض قانونيته، والامتناع عن حضور محاكماته!!