نون والقلم

أزمة السويس وشخصيَّة بيريز ومفاعل ديمونا

* تحوَّل مشهد جنازة الشخصيَّة السياسيَّة اليهوديَّة.. شيمون بيريز Peres، وضمن سياق ذكرى وعد بلفور المشؤوم 1917م إلى تظاهرة، جيَّرها رئيس الوزراء الليكودي نتنياهو لفكِّ العزلة التي تسبَّبت فيها سياسة حكومته المتطرِّفة. وإذا كانت وسائل الصحافة والإعلام الإسرائيليَّة والغربيَّة تحدَّثت عن بيريز كرئيس للوزراء عام 1977م، وبالتناوب مع الإرهابي شامير Shamir بين عامي 1984-1986، كما أنَّها اعتبرته ضمن مؤسسي الكيان العنصريّ مع شخصيَّات من أمثال ديفيد بن جوريون Ben-Gurion، وموشى دايان Dayan، كما أنَّه كان أحد مهندسي اتِّفاق أوسلو الذي شهد العالم انهياره؛ لأنَّه لم يؤسِّس لسلام قوي وعادل، إلاَّ أنَّ الإعلام الغربي لم يتوقف كثيرًا عند الدور الحقيقي الذي لعبته هذه الشخصيَّة في تزويد إسرائيل بالسلاح النوويّ، وإنشاء مفاعل «ديمونا».. وخلفيَّة قيام «بيريز» بهذا الدور الذي كلَّفه به «بن جوريون» في نهاية الخمسينيَّات الميلاديَّة، وتحديدًا بعد أزمة السويس، أو ما يُعرف بالعدوان الثلاثي على البلد العربي «مصر» عام 1956م، حيث وقَّعت كلٌّ من بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل، ومن دون علم الإدارة الأمريكيَّة «البروتوكول» القاضي بذلك العدوان، والذي حمل اسم seres, protocol، وتمَّ توقيعه في فرنسا، وكانت تقوم بالحكم في فرنسا حكومة اشتراكيَّة متعاطفة إلى حد كبير مع حكومة العمال في إسرائيل، وكان وزير الخارجيَّة الفرنسي christian pineau من أكثر الشخصيَّات الغربيَّة المتعاطفة مع الكيان الصهيوني.
* وكان للموقف الأمريكي القوي الذي اتَّخذه الرئيس «إيزنهاور» بضرورة انسحاب دول العدوان الثلاث، وتهديده لإسرائيل بقطع المعونات الاقتصاديَّة عنها، ولبريطانيا برفع الدعم عن الجنيه الإسترليني، حيث جرت مضاربات في السوق العالميَّة أضرَّت بالعملة البريطانيَّة، كما يذكر هارولد ويلسون الزعيم العمالي البريطاني 1964-1970م في مذكراته الخاصة.
* وبعد هذا الموقف المُهين من أمريكا لكلٍّ من فرنسا، وبريطانيا، وإسرائيل، فكَّرت إسرائيل جديًّا في حيازة السلاح النووي، فاتَّجهت صوب فرنسا المتعاطفة مع إسرائيل، وتمَّ ذلك المشروع -ديمونا- الذي لم يخضع لأيِّ تفتيشٍ دوليٍّ من قِبل مراكز الطاقة؛ انحيازًا مع الدولة العبريَّة، وبقيام بيريز في نهاية الخمسينيَّات الميلاديَّة بهذا المشروع الذي يدلل على العقليَّة الحربيَّة والمتطرِّفة التي كان يتَّصف بها، وبتوقيع أمريكا وإيران الاتفاق الخاص بالمشروع النوويّ الإيرانيّ تكون الدولتان الوحيدتان اللتان حازتا على المباركة الغربيَّة لمثل هذه المشروعات التي تهدد السلام في كل منطقة الشرق الأوسط هما إسرائيل وإيران..
وعلى دول المنطقة في هذا المنعطف الحضاري الخطير أن تدافع عن وجودها، وكينونتها بكل السبل والوسائل الممكنة، ومنها السلاح النووي.

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى