قضية الولايات المتحدة وقانون «جاستا» والاستهداف العلني والرسمي للمملكة العربية السعودية لا يمكن اختصارها في ذلك الطرح الساذج الذي يردده البعض، والقائم على سؤال يقول «لماذا السعودية خائفة من القانون إذا كانت لم ترع الإرهاب؟»، ثم يزيدون بالشرح والفلسفة، ويقولون إن عائلات ضحايا 11 سبتمبر 2001 ليست لديهم أدلة، والسعودية تملك حججاً قوية تثبت تضررها من القاعدة في الفترة نفسها التي هوجمت فيها نيويورك !!
اسمحوا لي على وصف ذلك الرأي بالساذج، فهو يستحق أكثر من ذلك، ويمكن أن يوصف بكل صفات القبح، ويقال عن أصحابه الذين «يتربعون» بأوداجهم المنتفخة وأفواههم المزبدة في استوديوهات القنوات التلفزيونية مالم يقل في أحد، ولكننا سنتجنب ذلك احتراماً وتقديراً لكم، وأيضاً حتى لا نهبط إلى ذلك المستوى من الجهل والغباء، فهذه إحدى مصائب الأمة، أن يتقدم صفوف الإفتاء والإدلاء بالآراء جهلة مدعون.
العالم كله يقف صفاً واحداً في وجه قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، ولم يجرؤ أحد على تأييده خارج الولايات المتحدة، أقرب الحلفاء الأوروبيين، رفضوا القانون من حيث المبدأ، وليس اعتراضاً على التفاصيل. من العنوان انتزعت صلاحية التشريع، وسحب حق المشرع في إصداره، باطل هو، وباطل كل إجراء اتخذه «كونغرس واشنطن»، فهؤلاء لا يحكمون العالم، وقوانينهم لا تتعدى حدود بلادهم، ولن يقبل أحد بأن تقوم «مجموعة اللوبيات» من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين بفرض إرادتهم على العالم.
هم الأكبر؟ نعم. هم الأقوى؟ نعم. هم شرطي العالم؟ سنقول نعم تجاوزاً. وكل مسميات العظمة، وكل أوصاف الجبابرة، وكل الغرور الذي عرفته البشرية، وكل الغطرسة التي يمكن أن تزرع في النفوس المتكبرة، كل ذلك لهم، نبصم بالعشرة والعشرين والألف بأنهم كذلك وأكثر، ولكن، وأعيدها مرة أخرى، وأقول لكم، ولكن، للسيادة قوانينها، وللدنيا موازينها، وللدول مواقيتها، وللبشرية دروبها.