نون والقلم

سوريا… الشيشان أو أفغانستان

ترفع الولايات المتحدة التحدي السوري أمام روسيا إلى أقصاه. الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي يقول الخميس إنه يخشى هجمات جهادية على المصالح والمدن الروسية إذا ما واصلت موسكو العمليات العسكرية في حلب. ليس هذا فحسب، فهناك مسؤولون أميركيون لمحوا الاربعاء الى ان دول الخليج العربية قد تقدم على تسليح المعارضة السورية بصواريخ أرض – جو محمولة على الكتف رداً على غارات المقاتلات الروسية. وينطوي التحذير الاميركي على تذكير بحال الاتحاد السوفياتي في أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي.

وأكثر من ذلك لا يخفي جون كيري أن الفصل «الأسوأ» من الحرب السورية لم يأت بعد. وكأنه يحمل تهديداً مبطناً لروسيا اذا لم توقف دعمها العسكري للنظام أو اذا لم تضغط على دمشق لوقف العمليات العسكرية وقت تنصل الجانب الاميركي بوضوح تحت ضغط “البنتاغون” من احتمال قيام أي تنسيق عسكري مع روسيا ضد «جبهة النصرة« باسمها الجديد “جبهة فتح الشام” بسبب عقوبات اميركية على موسكو تتعلق بالملف الاوكراني.

وتلتقي كل التحذيرات الاميركية لروسيا تحت عنوان عريض. هذا العنوان يقول نحن الاميركيين قادرون على جعل سوريا أفغانستان جديدة بالنسبة الى روسيا، بينما لا تملك موسكو مهما زجت من قوات أدوات الحسم الكامل للنزاع السوري وإن تكن منعت سقوط النظام وجعلته أقوى في مواجهة قوى المعارضة التي تدعمها دول الخليج العربية وتركيا.

والحصيلة تكون استمرار الحرب التي لا قدرة للكرملين على دفع تكاليفها المادية. وهذا من وجهة النظر الاميركية وضع مثالي لواشنطن لتكرر انتصارها في الحرب الباردة الثانية. ولا يبدو ان الولايات المتحدة، عكس موسكو، في عجلة من امرها لوقف النزف الروسي وخصوصاً اذا ما تمكنت من تحويله نزفاً لروسيا وايران و«حزب الله».

وسوريا هي واحدة من أهم ساحات الصراع الاميركي – الروسي المتجدد. وخسارة دمشق لن تكون لروسيا حدثاً عابراً يمكن تجاوزه. لذلك تدخلت عسكرياً وتتحمل الاعباء التي ستكون أقل كلفة من الناحية الاستراتيجية لو كان قيض لاميركا أن تطيح النظام في سوريا وتلحق هذا البلد بتجربتي العراق وليبيا «الناجحتين».

وتضع أميركا روسيا أمام خيار القبول بشروطها لوقف الحرب السورية، وهي شروط غير مقبولة لدى موسكو، أو مواجهة الخيار الثاني القائم على الدخول في حرب استنزاف وتكرار المشهد الافغاني.

وربما لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يريد أياً من الخيارين، يحاول الان انطلاقاً من حلب فرض معادلة عسكرية جديدة هي أشبه بمعادلة الشيشان وليس أفغانستان.

أخبار ذات صلة

Check Also
Close
Back to top button