أبقى مع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً آخر، فهي تمتحن أعصاب المشاركين.
هناك كلمات لقادة عرب لا أريد أن يفوتني سماعها، وأتيت مبكراً لأسمع كلمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، واضطررت أن أسمع كلمات ممثلي ناميبيا وكولومبيا وغانا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي قبل أن يحين دور ولي العهد. وجلست بعد ذلك أستمع لكلمات ممثلي ميانمار وكينيا وأفغانستان قبل أن يحين دور رئيس وزراء الكويت الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح.
كوفئتُ على صبري بكلمتين ضمّتا ما أحب أن أسمع، فالأمير محمد قال أن إسرائيل ماضية في الاحتلال وفي سياستها العدوانية والإرهابية وحصارها وانتهاكاتها القانون الدولي دون خوف من معاقبة أو محاسبة. وهو حذر من استحالة أي تقدم في العملية السلمية مع استمرار العمليات الاستيطانية والعبث بالهوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس الشريف والإمعان في سياسة القمع ضد الفلسطينيين.
هو انتقد أيضاً السياسة الإيرانية التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وأشار إلى عمليات إرهابية في البحرين والكويت واليمن والعراق وسورية ولبنان مع نشر خطاب طائفي خطير.
قلت للأمير محمد أن كلمته كانت في الصميم، وزدت أن عندي له أخباراً، وأريد منه معلومات، واتفقنا على أن أراه في الرياض قريباً.
الشيخ جابر أشار إلى استضافة الكويت مشاورات السلام اليمنية في رعاية الأمم المتحدة الشهر الماضي، وتحدث عن المأساة المستمرة في سورية في شكل مؤثر، وذكّر الحاضرين بأن الكويت استضافت ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية وبلغت التعهدات سبعة بلايين دولار قدّمت الكويت منها 1.3 بليون دولار.
رئيس وزراء الكويت انتقل إلى الممارسات القمعية وغير المبررة واستخدام القوة ضد الشعب الفلسطيني، وأضاف أن إمعان سلطة الاحتلال الإسرائيلي في سياستها ينطلق من مفهوم أن إسرائيل محصنة من أي مساءلة دولية ومعفاة من أي ملاحقة ومحمية من أي نقد أو إدانة.
هو طالب بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ليحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه السياسية المشروعة والاعتراف بدولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس.
شكرت الشيخ جابر على كلمته، وقلت له أنه لم يترك زيادة لمستزيد، واتفقنا أن أزوره في الكويت.
أسجل أن كلمة رجب طيب أردوغان في الجمعية العامة كشفت مرة أخرى ضيق فكره السياسي، فهو كرر أن محاولة الانقلاب في 15 تموز (يوليو) الماضي كان وراءها الداعية فتح الله غولن واتهمه ومنظمته بالإرهاب. وتكلم مطولاً عن سورية، والحاجة إلى مساعدة أهل حلب المحاصرين، وقصر كلامه عن «القضية» بتأييد عيش الفلسطينيين في دولة مستقلة ومطالبة إسرائيل بصيانة حرمة الحرم الشريف، ومنع الاعتداءات عليه، وانتهى بأن إعادة العلاقات مع إسرائيل تهدف إلى مساعدة عملية السلام.
كلمة الرئيس الإيراني حسن روحاني حملت على التكفيريين ودول (لم يسمها) تساعدهم، وتحدث عن المأساة في سورية، ثم دان النظام الصهيوني الغاصب وتحدث عن الفلسطينيين تحت الاحتلال وما يتعرضون له من عنف واضطهاد.
هو انتقد السياسة السعودية، وأرى أن السياسة الإيرانية ليست العلاج، فأتمنى لو أن الجميع أصغوا إلى صوت العقل كما عبَّر عنه الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، فقد قال أن بلاده تحرص على إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة والمشاركة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.