نون والقلم

كيلو الزبيدي … أغلى من برميل النفط!

من الواضح أننا أمام مرحلة مالية صعبة، خاصة مع وصول أسعار النفط إلى هذه المستويات القياسية من الانخفاض إلى أكثر من النصف تقريباً، ولكن الخطورة ليس في نزول أسعار النفط، وإنما نحن أمام اقتصاد غير متنوع وعمالة خارجية وكل شيء تقريباً يعتمد على النفط…

وللعلم هذه ليست المرة الأولى التي ينزل فيها النفط إلى هذه المستويات القياسية، ففي الفترة من عام 1948وحتى نهاية الستينيات كان سعر البرميل 3 دولارات، ثم ارتفع سعر النفط عام 1974 أربع مرات متجاوزا 12دولاراً للبرميل، ثم استقرت أسعار النفط العالمية خلال عام 1974 وحتى 1978 ما بين 12 دولاراً للبرميل و13 دولاراً، وبسبب الحرب العراقية الإيرانية ارتفع سعر برميل النفط في عام 1978 إلى أكثر من 35 دولاراً للبرميل، وفي عام 1986 انهارت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، وعام 1999 صعد سعر البرميل ليصل إلى 25 دولاراً للبرميل، وعام 2005 وصلت الأسعار إلى 78 دولاراً للبرميل، بعد ذلك شاهدنا الأسعار القياسية التي تجاوزت 100 دولار للبرميل والأن أقل من نصف هذا المبلغ، وهناك بعض التوقعات التي تقول بأن السعر قد يصل إلى 10 دولارات للبرميل بعد الاتفاق الإيراني ودخولها للسوق من جديد…

وكان يمكن لـ«أوبك» أن تعالج الموضوع بصورة أفضل من التعامل بصورة نفسية حيث أصبحوا يتنافسون على تقديم العروض وبأسعار مخفضة وكأن النفط سينتهي، ماذا سيحدث لو اتفقوا جميعاً على خفض انتاجهم قليلاً للمحافظة على الأسعار، كما اتفق الناس بحملة مقاطعة السمك فأدى إلى نزول الأسعار.

منذ زمن طويل نعرف ونعلم أن أسعار النفط لن تدوم طويلاً، والتاريخ خير دليل وشاهد، ولكن مع ذلك في سنة نجد الاعتماد على النفط يزيد في كل ميزانية، وأسعار النفط العالية ساترة للعيوب، لأن الصرف لا يحتاج إلى مزيد من التفكير، مجرد توزيع الأرقام في الميزانية ونجد الرواتب والدعم الحكومي تلتهم الميزانية كل عام، والحديث عن إيجاد مصادر بديلة عن النفط أصبح ترفاً فكرياً… ومشكلتنا أننا لا نتعلم إلا بعد حدوث المصائب والمشاكل الكبرى التي توقظنا من النوم.

قبل أيام كنت في تركيا، لم نجد هذا الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة مثل الكويت، والكل لديه عمل أو مشروع صغير، هل يعقل أن مليون مواطن يحتاجون إلى 800 ألف نسمة معينة وعمالة منزلية لكي يقوموا بالأعمال المنزلية عنهم!، ما هذا الكسل غير المبرر، حتى أصبحنا مجتمعاً من النادر أن نجد فيه الإنسان الجاد والمجتهد، وبات الأغلب يفكر بالوظيفة الحكومية حيث أن أكثر من 90 في المئة من المواطنين موظفين بالأجهزة الحكومية، ولو استمرت أسعار النفط بالنزول فسنجد أن هذه الظواهر ستقل وهي في الحقيقة صدمة حميدة، ولكن لماذا لا تزول ونتعلم قبل حدوث المشكلة؟!

نزول سعر برميل النفط حتى أصبح كيلو الزبيدي أغلى منه، هو في الحقيقة فرصة للحكومة لا تعوض، والحل بالإدارة الحصيفة، والسؤال لماذا نجح الديوان الأميري بتنفيذ أغلب المشاريع الحكومية الضخمة بنجاح كبير وفي فترة قياسية في ظل فشل معظم الوزارات؟…

الإجابة هو بالشباب الطموح المبدع الذي يدير العملية الإدارية ويصيغ العقود باحترافية ومتابعة مستمرة. وفي الحقيقة الشباب المنتج كثر ولكنهم يحتاجون الفرصة مع بعض الحلول لترشيد الإنفاق. إن نزول أسعار النفط هو في الحقيقة فرصة ومنحة لتعديل جميع المسارات المقلوبة، والكل يشترك في هذا التصحيح دون استثناء أحد من السلطتين التشريعية والتنفيذية وحتى المواطن. التقشف مطلوب ومحمود لتجاوز الأزمة العابرة، وتصحيح بعض أسعار السلع والخدمات أمر مطلوب، ولكن يجب التفريق بين المواطن صاحب الدخل المنخفض والعالي، بين البيت والمؤسسة.

نقلا عن صحيفة الرأي العام الكويتية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى