تغير الوسائل والأساليب بتغير الأزمنة والإمكانات، وحروب اليوم ليست شبيهة بحروب الأمس؛ فما عادت الجيوش تواجه جيوشاً، وما عاد للبندقية أهمية، وكذلك المدفعية لم تعد أكثر من صوت يحقق بعض المكاسب المعنوية.
الحرب التكنولوجية هي التي ستكون سائدة في المستقبل، بطائراتها وصواريخها وبوارجها، وحتى برجالها، كل شيء تحركه التقنيات المتطورة، وهي متاحة للجميع، ويمكن أن يستخدمها المتحاربون في ساحات المعارك المختلفة، وهي ليست ساحات قتال فقط.
يستحق «مؤتمر القادة لحروب المستقبل» الذي تنظمه وزارة الدفاع ومركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الإشادة؛ لأنه يستشرف المستقبل، ويبحث في المتغيرات المتلاحقة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة والعالم، ونخص منطقتنا لأنها أكثر مناطق العالم سخونة بعد سيل الحروب والصراعات الإقليمية والدولية والداخلية، وبعد بروز كل الأطماع الاستعمارية من جديد، وتدخلات دول غير معنية في نزاعات محلية ببعض الدول العربية، وكذلك ظهور تنظيمات إرهابية مصحوبة بحرب دعائية وكلامية، توفرها وسائل تطورت لأهداف إنسانية واجتماعية، واستطاع البعض أن يحرفها عن مسارها، ويحولها إلى سلاح شديد الخطورة.
أن تقرأ مستقبل الحروب لا يعني أنك تريد الحرب وتسعى إليها، بل العكس صحيح، والاستعداد للاحتمالات أكثر نجاعة من مواجهة الأخطار عند وقوعها، فمن يقرأ الواقع جيداً يمكن أن يمنع حرباً؛ وأن تبني جيشاً يواكب التطورات الآنية والمستقبلية ويستعد لها، فهذا يوفر رادعاً لكل الطامعين ويجعلهم يعيدون التفكير في خططهم قبل تنفيذها.
نحن اليوم نواجه حروباً في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى كل الشبكات الإلكترونية، ونعايش إرهاباً تنوعت مسمياته وأهدافه، وتداخلت مجموعاته وتوزع أفراده، فباتت اليقظة مطلوبة. ودولة الإمارات ومنذ قيامها، وبحنكة قيادتها، تنبهت للمستقبل، وكما بنت حضارة يشاد بها، أسست لجيش متطور شهدنا جميعاً إنجازاته في العام الماضي. وكان محل إشادة وتقدير في «عاصفة الحزم» باليمن ومن بعدها «إعادة الأمل» والقضاء علي الإرهاب.