أخيرًا، في إمكانك أن تقرأ انفعالاً على وجه سيرغي لافروف. لم يطق أن يسمع نده ونظيره الجالس قبالته في مجلس الأمن، يقول إن الدولة التي ينتمي إليها كواجهة لرئيسه، هي التي قصفت قافلة الأغذية الدولية. غضب لافروف واحتدت تقاسيم وجهه، وكاد يقوم من مقعده ليسكت المستر جيري. عفوا، أقصد المستر كيري، في لعبة القط والفأر، طوم وجيري.
للمرة الأولى يرتفع صوت كيري، وللمرة الأولى تهبط ذقن لافروف. وللمرة الألف تعرض على الشاشة خلفهما صور حلب كومة من نار، وصورة شاحنات الإغاثة حديدًا محترقًا ومفحّمًا، بينما الأطفال ينتظرون علبة حليب، أو زجاجة دواء، أو أي إشارة تعدهم بأن هذه الإنسانية المنقسمة بين تبلد أوباما وفظاظة بوتين، في أسوأ وأظلم مراحل الانحطاط البشري وأسقط أنواع الكذب.
تنتقل الكاميرا – في النشرة نفسها – إلى إيران لعرض آخر الصور الباليستية التي تطاول تل أبيب، وربما أبعد. بالصور والألوان. هذا هو طريق القدس الذي بدأ 1979 وقد توقف يتزود بالوقود في بقايا حلب. وفي الإطار نفسه يظهر للمرة الأولى منذ فترة، الرئيس السوري على الشاشة الأثيرة لديه، ليؤدب البيت الأبيض. ورجل البيت الأبيض منهمك في مناشدة مواطنيه الأفرو – أميركيين الاقتراع لمنافسته السابقة. أما عالم هو هذا العالم. يا سيد أوباما، أنت رئيس أميركا ولست رئيس السود فيها. أنت انتخبك البيض من أجل أن يدعم وحدة البلاد رئيس من أب أفريقي مسلم، فإذا بك في الأيام الأخيرة، تتحدث وكأنك زعيم قبيلة اللو في كينيا.
من هفوة إلى كارثة يا سيد أوباما. الحمد لله؛ إنها مسألة أشهر، وتنتهي هذه المرحلة التي كانت حلما كاذبا وأملا حُلوا. هل تشاهد التلفزيون، أنت ومبتزك الروسي؟ سوريا التي تعملون من أجل سلامها، لم يبق فيها جدار واقف. لم يبق شيء لم يتحول إلى رماد أو غبار أو جثث أو هاربين.
هل تعرفان شيئا؟ غدا يجدد بوتين ويفوز الأسد بأصوات عموم سوريا ما عدا الإرهابيين والتكفيريين، وينصرف أوباما على كتابة مذكرات لا يشبهها شيء سوى مذكرات جورج دبليو. واحد دمر الإنسانية بهمجيته العدوانية ورفاق السوء، وواحد قضى عليها بالتردد والبلادة وتمضية الوقت، يقوم بدور البطولة في فيلم أميركي طويل. وثقيل أيضا. يغبط الشعب السوري، على الأقل، في مخيماته وحرائقه وركامه، على أنه ليس لديه تلفزيونات يشاهدها ويشاهد تماسيحها. فقط لديه حرائق وطائرات تقصف حليب الأطفال أيضا.