بعيداً عن الفلسفة ومفاهيم السياسة والدبلوماسية، وتجنباً لكل المعايير الأخلاقية، وإسقاطاً للموازين والمقاييس، وخروجاً على الأصول والآداب العامة والخاصة، سنناقش قضية ذلك القانون الذي يقال إن «كونغرس» الولايات المتحدة الأميركية قد أقر مسودته الأولى أو اعتمده بصفة مبدئية، وأياً كان ما فعل أو سيفعل معه، وسواء استخدم «أوباما» الفيتو ضده وأفشله أم انتصر النواب وأقروه، كل ذلك غير مهم، المهم هو السؤال الذي يراود الناس، ماذا تريد أميركا ؟!
الناس الذين أقصدهم لا يمثلون دولهم، يعنى أنهم ليسوا أصحاب مناصب، وليسوا من أهل السياسة، وليسوا من أولئك الذين احترفوا التحليل والتقييم والشرح والإفاضة في الوصف وتحديد الأسباب ووضع الاحتمالات، ولكنني أقصد الناس البسطاء، من عينة البشر العاديين جداً، شباب يبحثون عن تسلية في مواقع التواصل، فمرت عليهم مناقشات البعض، ونساء قابعات فى بيوتهن، يتابعن نشرات الأخبار، ويسمعن جدلاً على مستوى عال جداً حول قانون يحذر منه الجميع، الدول تحذر منه، والمنظمات الحقوقية تحذر منه، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وقادة رأى أميركي وغربي، كل هؤلاء قلقوا واستشعروا الخطر يكمن خلف ذلك العنوان الكبير، فتساءلوا، ماذا تريد أميركا؟!
من حق العالم كله أن يتساءل عن الهدف من وراء إصدار «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب»، وأن يستبعد مسألة التعويضات لعائلات الذين قتلوا في أحداث 11 سبتمبر 2001، فالدولة التي أقرت أكثر من 38 مليار دولار مساعدات عسكرية لإسرائيل، لن تبحث عن بضعة مليارات تدفع لمواطنيها، وهذا كلام منطقي، خاصة بعد أن مر على الواقعة 15 عاماً، وهى مدة طويلة، ولا نظن أن الأهالي المكلومين وبعد هذه السنين يرغبون في فتح الجراح التي اندملت، ولا يسعون إلى تجديد الأحزان!
ماذا تريد أميركا؟ إنه سؤال صعب، حتى إنني في بعض الأحيان، أعتقد أن الرئيس، رئيس الولايات المتحدة الأميركية، سيد البيت الأبيض، لا يستطيع الإجابة عنه.
فماذا تريد أميركا؟!