نون والقلم

حيث تقدّم الإمارات الأنموذج

لأن دولة الإمارات تقع اليوم في صميم الفعل الإيجابي العالمي، خصوصاً لجهة الانتصار لقيم التسامح والانفتاح واحترام الآخر، فإن الزيارة التاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة للفاتيكان ولقائه قداسة البابا فرانسيس، تأتي في سياقها منسجمة تماماً والسياق الأشمل: سياسة الإمارات نظراً وتطبيقاً، وكون الإمارات الأنموذج الأمثل في المنطقة، وربما في العالم للتعايش وقبول الآخر.

قبول الآخر ثقافة راسخة في مجتمعات نادرة، يعتبر مجتمعنا أحدها، ومثل هذا الأمر لا يتم أو يكتمل بين يوم وليلة، فله إرهاصاته الطويلة والصعبة دائماً. البدايات كانت منذ الآباء والأجداد، ومنذ تأسيس المؤسسات في عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ثم تعميق هذا النهج القويم وإثرائه على يد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في مراحل هي الأكثر غموضاً والتباساً على مستوى العالم، فيما رؤية حكومة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، كانت واضحة: الانحياز إلى الإنسان ضد التخلف والجهل والظلام والمرض، الإنسان والإنسانية في مطلق المعنى، وهو ما طبع، بالتوازي، السياسات التنموية، وأسلوب التعامل الإنساني مع الخارج، فلا معيار إلا تلبية الضمير الإنساني بغض النظر عن الجنس والجنسية والعرق واللغة والدين والمذهب.

كلمات محمد بن زايد في زيارته للفاتيكان عبرت عن تاريخ يشتمل على ذاكرة الماضي، وبالضرورة، ذاكرة المستقبل، فبقدر ما أن هذه الزيارة تتويج فهي تأسيس، والمقبل قطعاً أفضل وأعمق، خصوصاً حين تحقق الإمارات في الواقع المعيش ما لم تحققه غيرها. القصد يتجاوز هنا وجود أكثر من 200 جنسية على أرض الإمارات، ويصل إلى تلك الروح الخلاقة السائدة، حيث التسامح هو السعادة، وحيث السعادة هي الفرح، وحيث الفرح هو حرية العيش في ظروف طبيعية غير ضاغطة خصوصاً لفئة الشباب التي تعتبر حياة الإمارات بعض حلم كبير.

الإمارات حلم البعيدين والقريبين، لكنه اليسير القريب الحي أبداً، لأنه من الحياة وإليها، ولذلك فإن الأنموذج الذي تقدمه الإمارات يخيف بل يفزع ويربك كل مندرج في نقيضه الموضوعي من هواة الخسارات والحسرات، والمسألة، من بعد، مسألة اختيار، فإما الأخوة والصداقة والمحبة والخير، وإما العداوة والخصومة والكراهية والشر، والإمارات اختارت فنجحت فوصلت فتميزت، وهي مؤهلة اليوم وفي غد لمزيد من التألق والوصول، لأنها ببساطة عرفت طريق الوصول.

اختارت بلادنا درب الإشعاع والتنوير، فأكدت انتماءها إلى حضارتها وإرثها ودينها، ومزجت في نهضتها بين الأصالة والحداثة، مؤمنة بمسار واحد يجمع الحضارات معاً نحو أنسنة الحضارة، وداخلة في رهانها الكبير ضد هشاشة أطروحة صراع الحضارات.

ذلك هو التحدي الذي تحمل مشاعله أجيالنا الطالعة واصلة بين أجيال المعنى، وممهدة للمعرفة والبصيرة الجسور.

 

 

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى