عالمي

تركيا تهاجم السفير الأمريكى في أنقرة

[bctt tweet=”شنّ كبار المسؤولين الأتراك هجوماً غير مسبوق على السفير الأمريكي في بلادهم” via=”no”]، متهمين إياه بتجاوز حدوده والأعراف الدبلوماسية والتصرف كحاكم للبلاد، وذلك بالتزامن مع دعوات مباشرة لواشنطن بتحذير السفير وضبط تصرفاته، في خطوة تسبق دعوة متوقعة بتغيير السفير، بحسب توقعات وسائل إعلام تركية.
وعلى الرغم من أن الاضطرابات بين أنقرة وسفراء واشنطن لم تتوقف طوال السنوات الماضية، إلا أن الهجوم المتواصل منذ أيام يعتبر الأشد ضد سفير أمريكا الذي طالته اتهامات سابقة بدعم محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، والدفاع عن حزب العمال الكردستاني، وتوجيه الانتقادات المتكررة للحكومة التركية فيما يتعلق بالديمقراطية والحريات العامة وحرية الإعلام.
وقبل أيام، وجه سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، جون باس، انتقادات لقرار وزارة الداخلية التركية، الصادر يوم الأحد الماضي، والقاضي بتعيين 28 رئيس بلدية جديدا، في عموم البلاد، خلفا لسابقين أقالتهم الوزارة بتهمة «تقديم المساعدة والدعم» لمنظمتي «بي كا كا» وفتح الله غولن، والذي قالت أنقرة إنه يأتي استنادا إلى قرار قانونيّ يتعلق بإجراء تعديلات في قانون البلديات.
هذا وقد قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه ينبغي على سفراء الولايات المتحدة لدى بلاده «أداء واجباتهم برزانة ومهنية وفق محددات اتفاقية فيينا (التي تنظم العمل الدبلوماسي بين الدول بما يحافظ على سيادة كل منها) وعدم محاولة التصرف كحكام، لأننا لن نسمح لهم بذلك قطعا».
وأضاف جاويش أوغلو أنه «لا مناص أمام الولايات المتحدة سوى التعامل مع تركيا كشريك على قدم المساواة»، مؤكداً أن الشعب التركي انتخب ممثليه في البرلمان، ورؤساء البلديات وغيرهم، من أجل خدمته لا خدمة المنظمات الإرهابية، وأي تدخل يأتي من الدول الأجنبية حيال أي إجراءات تتخذ بحق داعمي المنظمات الإرهابية «غير مقبولة.»
وفي وقت لاحق، أبلغ جاويش أوغلو، نظيره الأمريكي جون كيري، انزعاج بلاده من تصريحات السفير الأمريكي، وفقا لمصادر دبلوماسية تركية.
وفي هذا السياق ألمحت وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة إلى أن أنقرة تخطط لتقديم طلب رسمي إلى واشنطن لتغيير سفيرها في أنقرة، وربما يتم اعتباره خلال الفترة المقبلة «شخصاً غير مقبول» وهي خطوة تسبق قرار سحبه من البلاد وتعيين سفير آخر بدلاً منه، في خطوة قد تعمق الخلافات بين البلدين.
وتصاعدت الخلافات بين تركيا وأمريكا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ورفض واشنطن تسليم فتح الله غولن المتهم بقيادة محاولة الانقلاب، إلى جانب الرفض المتكرر لمطالب تركيا بوقف دعم وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، على اعتبار أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني المصنف عالمياً على لائحة الإرهاب.
من جهته، انتقد كبير المفاوضين الأتراك ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي عمر جليك، تصريحات السفير، مشددا على أنّ «هذه القرارات لا تعني سفراء الدول الأجنبية». وقال: «الإرهاب يُعد خطا أحمر بالنسبة لدولة القانون والديمقراطية… الدول ذات السيادة لا يمكنها أن تسمح للبلديات ومجالسها باستخدام الإمكانات والصلاحيات والآليات المقدمة إليها لخدمة الشعب من أجل دعم الإرهابيين».
وأشار الوزير إلى أن مهمة السفراء في تركيا هي الاستعلام من السلطات الرسمية بخصوص مثل هذه القرارات، مضيفا: «دولة هذا السفير (السفير الأمريكي) لا تزال تحتضن فتح الله غولن، وهو الذي أشرف على أكبر عملية إرهابية في تركيا (محاولة الانقلاب الفاشلة)، ولم تقم حتى باعتقاله رغم الطلب الذي تقدمت به تركيا إليها في هذا الشأن»، مؤكداً على أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تُسلّم غولن في إطار اتفاقية إعادة مرتكبي الجرائم المبرمة بين الجانبين.
في السياق ذاته، استنكر وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، الأربعاء، تصريحات السفير الأمريكي، معتبرا أن السفير «تجاوز حدوده وتصرف بشكل غير مسؤول تجاه تركيا وحكومتها وشعبها»، مشدداً على أن بلاده لم تنس حتى الوقت الراهن تصريحات المسؤولين الأمريكيين ليلة 15 يوليو بخصوص محاولة الانقلاب الفاشلة، وقال: «نحن لم نتخل عن صداقتنا مع واشنطن منذ أعوام، واليوم ننتظر من الدولة الحليفة أن تُحذّر هذا الشخص (السفير) بشكل صريح وواضح.»
وأردف صويلو قائلا: «السفير الأمريكي تجاوز حدوده وتصرف بشكل مغرور، ويجب على الدول الكبرى تجنب تعيين أشخاص صغار كسفراء لها، وخاصة في دول قوية كتركيا»، داعياً السفير إلى التراجع عن تصريحاته المذكورة، وطالب واشنطن باتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الإطار «لأن هذا الأمر يُعد مطلبا أساسيا بالنسبة للشعب التركي وحكومته».
ولفت وزير العدل التركي بكير بوزداغ، إلى أن تطبيق القوانين وإدارة شؤون البلاد في تركيا من صلاحيات الحكومة المنتخبة التي تعبر عن إرادة الشعب التركي. وأضاف قائلا: «إن كان سفير الولايات المتحدة لدى أنقرة يجهل هذه الحقيقة حتى الآن فيمكننا أن نعلمه بصبر».
كما استنكر رئيس حزب الحركة القومية التركي المعارض دولت بهتشيلي، تصريحات السفير الأمريكي، مشيرًا إلى أن تركيا ليست ولاية أمريكية حتى تتدخل واشنطن في شؤونها الداخلية، وقال: «سفير الولايات المتحدة الأمريكية يتجاوز حدوده، ويحتقر تركيا ويوجه لها الإهانة… تركيا ليست الولاية رقم 53 للولايات المتحدة الأمريكية، وإنما هي دولة تتمتع بروح الاستقلال والوطنية والكرامة».

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى