نون والقلم

جزاء الحشمة

ظننت أن «البوركيني» تصميم جديد لألبسة السباحة، فالغرب لا يتوقف عن إتحافنا بالجديد، حتى لو خرج هذا الجديد على المألوف وعلى الطبيعة البشرية.

أخبار ذات صلة

قرأت الاسم عدة مرات، ولم أهتم به، تجاهلته، قلت إنه شيء لا يعنيني، فلست من رواد الشواطئ، ولست من المتطفلين على أحواض السباحة، حتى ظهرت لي عناوين واقعة المرأة المسلمة التي أجبرتها شرطة إحدى المدن الفرنسية على خلع «البوركيني»، وتساءلت عن الرابط الذي يجمع امرأة مسلمة بلباس بحر.

فإذا بالبوركيني لبس «موضة» جديدة، وليس أحد إفرازات التحضر الغربي، ولكنه لباس طبيعي ترتديه النساء المحتشمات، النساء اللاتي لا يعتبرن أجسادهن رخيصة، ولا يعرضن مفاتنهن في «سوق» الاستعراض على الشواطئ.

الاحتشام لا يقتصر على المرأة المسلمة، بل هو يولد مع الإنسان، الإنسان الذي انتقل قبل آلاف السنين من حياة الكهوف والغابات، الإنسان الذي بدأ الحضارة بحياكة الملابس وتغطية الجسد، وهو نفسه الإنسان الذي وضع لنفسه المقاييس التي حولته إلى كائن مفكر ومخترع ومتطور، ولم يكن التطور في يوم من الأيام يقاس بالتخلص من الملابس، بل على العكس كان اللباس رمزاً وقيمة، وكان محل تفاخر واعتزاز.

هذا «البوركيني» ليس أكثر من ملابس طبيعية، تلبسها امرأة أرادت أن تذهب إلى البحر، اختارتها بعض النساء بحسب موروثاتها الاجتماعية والثقافية والدينية، إضافة إلى البدنية، فالمرأة تحكمها الظروف المحيطة بها، واحدة معجبة بنفسها وتريد لفت الأنظار، وواحدة تلزمها قيود تربت عليها وقبلت بها ولا ترغب في التخلي عنها، وواحدة تستر عيوباً في جسدها، أسباب كثيرة تحكم المرأة على الشاطئ.

وحتى الرجل له حق الاختيار، وهذه المسلمة وغيرها اخترن لباساً يغطي الجسد، وهو مقبول في الحياة اليومية، لا يعترض عليه أحد، وحتى عند السباحة، المرأة حرة في لباسها ما دامت لا تضر أحداً، ولا تشكل خطراً، هكذا قالت محكمة الدولة العليا في فرنسا لرؤساء البلديات والشرطة الذين قرروا أن «العري» هو الأصل، وأن الاحتشام استثناء غير مقبول، ويحاسب من يختاره!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى