على هامش (ندوة الوسطية في القرآن والسنة وتطبيقاتها المعاصرة) التي نظَّمتها الجامعة الإسلامية قبل أيام في (مُورُوْنِي) عاصمة جمهورية القَمَر المتحدة؛ كان الحضور اللافت لخريجيها من تلك الجمهورية المسلمة.
توافدوا بالمئات، تَسْبِق خُطَاهم، وتتراقص على شفاههم تلك الحكايات التي تروي ذكرياتهم الجميلة في طيبة الطيبة إِبَّان دراستهم فيها، أمّا انتماؤهم لبلاد الحرمين؛ فإعلان ظاهر يُفاخرون به.
أولئك الخريجون أصبح لهم مكانتهم في مجتمعهم؛ فقد قادوا التغيير والتأثير الإيجابي فيه؛ فمنهم وزراء، وقضاة، وعلماء، وقَادةٌ وأكاديميون في الجامعة، وهناك المدرسون والدعاة والإعلاميون.
قابلتُ طائفة منهم؛ فلمستُ حنينهم للتواصل مع جامعتهم، والبلاد التي احتضنتهم؛ وكان لها – بعد كَرم الله تعالى- فَضْلَ تكوينهم علمياً وثقافياً.
يومها أدركتُ تماماً أن لنا في أغلب بقاع الأرض (سفراء أعزاء) يُحبّون بلادنا، وينتمون لنا، وهمّهم حمل لواء الدفاع عَنّا؛ فالمملكة كانت ولا زالت سبَّاقة لخدمة الإسلام والمسلمين في شتى المجالات، ومنها التعليم المجاني لأبنائهم في جامعاتها؛ عبر برنامج المِنَح الدراسيّة.
وكان للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، النصيب الأكبر في هذا الميدان، حيث تخرج فيها منذ تأسيسها عام 1381هـ وحتى اليوم ما يزيد على 70 ألف طالب يُمثِّلون أكثر من (200 جنسية وإقليم) حول العَالَم، وهناك الآلاف درسوا في جامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة أم القرى، وبعض الجامعات الأخرى.
أولئك السفراء؛ للأسف نسيناهم، فلا تواصل معهم، ولا دعم لهم؛ حدث هذا لعشرات السنين التي خَلَت؛ وإنْ كانت الجامعة الإسلامية -وبمبادرة من مديرها الأسبق معالي الدكتور محمد بن علي العقلا- قد حاولت سَدّ تلك الفجوة، ومَدّ حبل الوصال مع خريجيها بإطلاق عمادة متخصصة ترعى شؤونهم؛ لكنها رغم اجتهاد القائمين عليها بحاجة للدّعم.
أما ما أتمناه وأرجوه أن تكون هناك جهة عليها تضم وزارات التعليم والخارجية والشؤون الإسلامية، وبعض المؤسسات الخيرية النظاميّة مهمتها (إنشاء قواعد بيانات لمَن تخرجوا في جامعاتنا، ومِن ثَمّ التواصل معهم، ورعايتهم؛ بما لا يخالف أنظمة بلدانهم).
فأولئك الخريجون أو السفراء من أهم أدوات وأسلحة القوة الناعمة التي تستخدمها الدّول في عصرنا الحاضر، ونحن اليوم بأمسّ الحاجة لها؛ لدعم مواقف بلادنا الراسخة والصادقة في ظِل حملات التشويه التي تتعرّض لها.