[bctt tweet=”حقق الكيان الصهيوني فوائد جمّة من هذا الحريق الذي أشعلته إيران في المنطقة” via=”no”]، حيث استنزف جميع الخصوم والأعداء (ربيع العرب، إيران، حزب الله، تركيا، سوريا، القوى الإسلامية السنيّة التي كانت ركن تيار الممانعة)، وحصل على الكيماوي السوري، والنووي الإيراني، لكن ذلك لا يبدو كافيا، فالجائزة الكبرى هي التي ينتظرها نتنياهو الآن، ويبدو أن عرابها الأهم سيكون بوتين؛ رمز تيار الممانعة عند خامنئي وشبيحته.
قبل أسبوع، جرى الحديث مع بوتين بخصوص استضافته لقمة بين عباس ونتنياهو فرحب، وها إن الأمر يتطور الآن، حيث سيحل مساعد وزير الخارجية الروسي ضيفا في تل أبيب كي يناقش القمة المرتقبة، والتي يتوقع أن تكون الشهر القادم.
الجائزة التي ينتظرها نتنياهو هي المتوقعة من القمة المذكورة وما سيتبعها، أو يفترض أن يتبعها، وهذه لها بُعدان (فلسطيني وعربي)، فعلى الصعيد الفلسطيني يعلم الجميع أن اللعبة الجديدة التي يسمونها مفاوضات لا تعدو أن تكون عملية سياسية تكرس الواقع الراهن ممثلا في الحل الانتقالي بعيد المدى، أو السلام الاقتصادي، ويُرجح أن تركز في سياق الترويج على إعادة انتشار جيش الاحتلال خارج تجمعات السكان الفلسطينيين، والتوقف عن اجتياح مناطق (أ)، والسماح للسلطة بالتمدد نحو مناطق (ب)، وهو ما سيقدَّم بوصفه إنجازا عظيما!! (الضغط لمصالحة عباس ودحلان يدخل في هذا الإطار أيضا).
في البعد الثاني العربي، ستمنح هذه اللعبة للدول التي تغازل الصهاينة سرا بأن تسفر عن وجهها، لتبدأ مرحلة تطبيع علني مع الكيان الصهيوني، تحاكي تلك التي انطلقت بعد أوسلو ووادي عربة، لا سيما أن أحدا لن يعارضها في المجال العربي، بل لا يتوقع أن يجرؤ أحد على معارضتها. ونتذكر أن من فعل ذلك في المرة الماضية هو مصر والسعودية وسوريا (عقدت قمة ثلاثية في الإسكندرية منتصف التسعينيات). هذا في الإطار الرسمي، أما في الإطار الشعبي، فقامت بالمهمة القوى الحية، وفي مقدمتها الإسلامية التي تعيش راهنا حالة من التراجع بسبب هجمة الثورة المضادة.
هكذا يتحوّل “الممانع” العتيد بوتين إلى عراب أو مقاول علاقات عامة لصالح الكيان الصهيوني، بينما يمارس القتل اليومي بحق الشعب السوري، وبينما تمنح طائراته الغطاء للقتلة الآخرين من أدوات إيران، بل في وقت أخذ يتواطأ فيه حتى مع الحوثيين، وهو ما لم يفعله من قبل.
إنها فضيحة خامنئي وشبيحته الذين أشعلوا هذا الحريق في المنطقة بدعوى المقاومة والممانعة، وبدعوى المواجهة مع الكيان الصهويني و”الشيطان الأكبر”، وإذ يهم يقدمون لهما خدمات لم يحلما بها من قبل، فأي عقل كليل أكثر من هذا؟!
نعم، هكذا يربح ألد أعداء الأمة من هذا الحريق، بينما يُستنزف الجميع ويجري تدمير التعايش، وكل ذلك لا يؤدي إلى توقف خامنئي عن مطاردة أوهام تغيير حقائق التاريخ والجغرافيا في هذه المنطقة، لكن ذلك ليس نهاية المطاف، فلا تشريع الوجود الصهيوني في المنطقة سينجح، ولا التوسع الإيراني أيضا، لكنها حقبة سوداء ستتطلب الكثير من التضحيات لمواجهتها.