تصاعدت وتيرة تهجير المواطنين السنة من ضواحي العاصمة دمشق والمناطق القريبة منها، بشكل أسرع من ذي قبل، لتعزز [bctt tweet=”تعزيز الفرضيات التي تتحدث عن تفاهمات تركية إيرانية بخصوص تقاسم النفوذ على الأراضي السورية” via=”no”] في ما بينهما.
وخرج الجمعة أكثر من 300 من أهالي مدينة داريا السورية الذين كانوا قد نزحوا إلى معضمية الشام المجاورة، متوجهين على متن حافلات إلى مراكز إقامة مؤقتة في ريف دمشق استكمالا للاتفاق بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة، الذي يعتقد أنه تم برعاية أنقرة وطهران.
وذكر الإعلام السوري الرسمي أن خروج العشرات من العائلات جاء بموجب اتفاق داريا الذي توصلت إليه الحكومة مع الفصائل المقاتلة وتم بموجبه السبت إخلاء داريا بالكامل من المدنيين والمقاتلين.
ويأتي خروج النازحين من داريا تمهيدا لاتفاق آخر من المتوقع أن يتم إبرامه خلال الأيام القليلة المقبلة، ويقضي بخروج المقاتلين خاصة من معضمية الشام، ولا يستبعد متابعون أن تكون مدينة دوما المحطة المقبلة ضمن هذا المخطط الذي يحمل بصمات إيرانية تركية (فصائل المعارضة في داريا ومعضمية الشام محسوبة على تركيا).
وسجلت عدسات المصورين العشرات من الأشخاص وهم يخرجون سيرا على الأقدام من معضمية الشام التي تسيطر عليها الفصائل، حاملين أمتعتهم باتجاه مدخل المدينة، حيث كانت ثمان حافلات تنتظرهم وأقلتهم باتجاه مراكز إيواء مؤقتة في بلدة حرجلة بريف دمشق. وبحسب التلفزيون السوري الرسمي، يتوزع الخارجون بين 162 طفلا و79 امرأة و62 رجلا، ويأتي خروجهم «لاستكمال بنود الاتفاق بين النظام السوري والفصائل المسلحة».
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، نزح قرابة 2500 شخص من داريا إلى معضمية الشام، وفق مسئول سوري محلي، وقال رئيس لجنة المصالحة في داريا مروان عبيد للتلفزيون الرسمي، إن خروج العائلات الجمعة يشكل «المرحلة الثالثة من اتفاق داريا».
ويأتي إجلاء المدنيين غداة انتقاد الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لـ«استراتيجية» إخلاء مدن محاصرة في سوريا على غرار داريا. وقال للصحافيين في جنيف «هل ينبغي أن نتجاهل واقع أن هناك في الوقت الراهن إستراتيجية واضحة لتطبيق ما حدث في داريا في الوعر (حمص) ومعضمية الشام»؟.
عمليات التهجير الممنهج التي تستهدف المواطنين السنة في ضواحي دمشق وأيضا بمحافظة حمص، بدأت منذ 2013
وفي معضمية الشام، أعلن مسؤولون محليون العمل على اتفاق لإخراج مقاتلي الفصائل من المدينة في الأسابيع المقبلة.
وتسيطر الفصائل المعارضة على مدينة معضمية الشام التي تحاصرها قوات النظام منذ مطلع العام 2013، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق هدنة فيها بعد نحو عام، ما أدى إلى تحسن الظروف الإنسانية والمعيشية فيها، لكن الأمم المتحدة أعادت مطلع العام تصنيفها بالمحاصرة إثر تشديد قوات النظام حصارها عليها.
وتكمن أهمية معضمية الشام التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 45 ألف نسمة في تأمين الجهة الغربية للعاصمة وضمان أمن مطار المزة العسكري.
ويوضح أحد المسؤولين في لجنة المصالحة محمد رجا، أن الاتفاق يسري على «1000مسلح»، متوقعا أن يبدأ تنفيذ الاتفاق قبل عيد الأضحى على أن يستكمل خلال مدة شهر.
وبحسب ناشط معارض في المدينة، رفض الكشف عن هويته، تجري المفاوضات بين الطرفين «بحضور أربعة ضباط روس»، مشيرا إلى أن «طلب النظام الأساسي هو تسليم كافة الأسلحة»مضيفا لا أحد يريد أن يغادر مدينته.. لم يتركوا لنا خيارات أخرى.
ونددت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية في بيان باتفاقات التهدئة المحلية، معتبرة أنهاتؤدي إلى تطهير سياسي وإثني.
وبدأت عمليات التهجير الممنهج، الذي يستهدف المواطنين السنة في ضواحي دمشق وأيضا محافظة حمص، بداية العام 2013 بإشراف إيراني.
واتخذت هذه العملية منحى تصاعديا بعد التقارب التركي الإيراني حيال الملف السوري، حيث نجحت طهران في الحصول على مباركة أنقرة للقيام بـ«تسويات»في ضواحي العاصمة دمشق لتأمينها بتوطين أهالي المقاتلين الشيعة الذين استقدمتهم إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام.
وبالمقابل تعزز تركيا نفوذها في الشمال السوري، وقد بدأت ذلك بالفعل من خلال العملية العسكرية «درع الفرات»التي تخوضها الآن ضد الأكراد، والتي ستفتح لها الباب أمام إقامة مناطق آمنة وأيضا قواعد عسكرية دائمة لها في هذا الشطر السوري.
وهناك أنباء تقول بأن أنقرة بدأت في إقامة قاعدة عسكرية في مدينة جرابلس السورية، وذلك على شاكلة قاعدة بعشيقة قرب الموصل شمال العراق.