قبل عدة أيام أعلنت الحكومة العراقية ومن خلال وسائل الإعلام عن [bctt tweet=”وصول فريق تحقيق دولي إلى العاصمة العراقية بغداد” via=”no”] وهو يحمل في جعبته آلاف الوثائق التي تحمل أسماء المتورطين في ملفات وصفقات فساد من السياسيين العراقيين, وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على إن هيئة النزاهة – كونها تمثل الجهة المشرفة على التحقيق في كل قضايا الفساد وتقديم المفسدين للقضاء – عبارة عن هيئة فاشلة ولا تستطيع أن تؤدي مهامها بالشكل المطلوب وهذا يستلزم حل هذه الهيئة كونها عبارة عن حلقة فارغة ولم تقدم للشعب ما يريد من التحقيق في ملفات الفساد, أو إن هيئة النزاهة غير نزيهة وهي خاضعة لسطوة وسلطة المفسدين وهذا أيضاً يستلزم حلها لخيانتها للشعب بالتستر على المفسدين والعمل معهم في سرقة قوت الشعب.
وهنا نتسائل هل طلب الحكومة العراقية وإستقدامها لهذا الفريق هو من أجل إمتصاص غضب الشارع وسخطه على القضاء العراقي الذي وقف لجانب المفسدين كما حصل في قضية فساد رئيس البرلمان سليم الجبوري أم إنه من أجل التحقيق الفعلي الحقيقي في ملفات الفساد ومحاسبة المفسدين ؟ وهذا الأمر سيتضح من خلال الجهة القضائية التي ستحكم في نتائج تحقيق هذا الفريق هل سيكون القضاء العراقي أو القضاء الدولي, فإذا تم تقديم نتائج التحقيق للقضاء العراقي فهذا يعني إنه هذا الفريق جاء لإمتصاص سخط الشارع والتستر على كل المفسدين لأن الجميع بات يعرف مدى فساد وتسييس القضاء العراقي وخضوعه للجهات دولية وحزبية, أما إذا كانت نتائج التحقيق ستقدم للقضاء الدولي فهذا يدل على وجود نية حكومية جادة في تقديم المفسدين للعدالة ومحاكمتهم ومحاسبتهم, وهذا الأمر مستبعد جداً لأن كل أفراد الحكومة العراقية – ضع يدك على من تشاء- مشتركين في الفساد وفي التستر عليه, وهذا ما يجعلنا نرجح الإحتمال الأول.
وما يجعلنا أيضاً نرجح الإحتمال الأول هو تورط مرجعية السيستاني ومؤسساتها في كل عمليات الفساد التي حصلت وتحصل في العراق, ومن المعروف إن لدى أغلب السياسيين ملفات فساد تثبت تورط هذه المرجعية في صفقات فساد كالملفات التي يملكها السفاح المالكي من عقود وجولات تراخيص نفطية وموارد العتبات التي تثبت تورط محمد رضا السيستاني وعبد المهدي الكربلائي واحمد الصافي وكيلا السيستاني, وكذلك الملفات التي يملكها الجلبي والتي قدم منها نسخة إلى السيستاني الأمر الذي تسبب في إغتيال الجلبي مباشرة بعد تسليمه هذه النسخة لتلك المرجعية, هذا ما ظهر أما ما خفي فهو أعظم, فهل ياترى يُسمح بتلك الملفات أن تعرض على القضاء الدولي لكي تكون فضيحة السيستاني ومؤسسته عالمية ؟ بالطبع لا ؟ كما إن السيستاني سيمارس الضغط على الحكومة العراقية ومن خلال قنواته السرية على الحكومة من أجل جعل نتائج التحقيق تقدم للقضاء العراقي حصراً لأنه وكما يقول المرجع الديني العراقي الصرخي في المحاضرة السادسة من بحث « السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد »
« السيستاني يعرف إن هذا السياسي لو سقط بإشارة منه سيفضحه سيكشف فساده وفساد من ارتبط به فالفساد عند السياسيين هو واحد لا أقول هو صفر هو واحد مقابل مليون من فساد السيستاني, فهل السيستاني ينظر إلى السياسي بأنه فاسد؟ بالتأكيد لا ينظر إليه بأنه فساد لأنه يتعامل ويتمسك ويحتضن من هو افسد منه بملايين المرات فلا يوجد مقارنة بين فساد السياسي أي سياسي أينما تضع يدك على سياسي من سياسيي العراق منذ الاحتلال إلى هذه اللحظة مهما كان السياسي ومهما قيل عنه من سرقات بالمليارات فهو لا يرتقي إلى فساد السيستاني وأتباع السيستاني, ولم يقتصر على فاسدي السياسة وفسادها بل الطامة الكبرى والسرقات المضاعفة والفساد الافحش تمثل وتجسد بتسليطه العمائم الصنمية الفاسدة على رقاب الناس وأموالها وأعراضها مقدراتها فانتهكوا كل شيء وأباحوا كل شيء حتى إننا لعشرات السنين لم نسمع أبداً ولا نسمع انه عاقب احد وكلائه عمائم السوء بالرغم مما صدر منهم وثبت عليهم من سرقات فاحشة للأموال وارتكاب المحرمات والانحرافات الأخلاقية لكنهم يبقون معصومين بنظر السيستاني فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون » .
أي إن السيستاني يعلم جيداً إن نتائج التحقيق إذا قدمت للقضاء الدولي فهذا يعني سقوط العديد من السياسيين وإن سقوط أي أحدهم يعني سقوط السيستاني ومؤسسته وهذا ما لا يسمح به السيستاني ووكلائه ومؤسسته, وبهذا ستعرض نتائج تحقيق الفريق الدولي على القضاء العراقي من أجل الحفاظ على مكانة السيستاني ومؤسسته ومن ارتبط معه وبالتالي سيبقى جميع السياسيين في مناصبهم ومواقعهم دون المساس بهم كما حصل مع سليم الجبوري, وهذا يعني إن الفريق الدولي هو عبارة عن فريق شكلي يراد منه التغرير بالشعب وإمتصاص غضبه وسخطه, والسيناريو هو لم يقبل الشعب بالتحقيق المحلي ولم يقتنع به فجئنا بفريق دولي وكانت النتيجة واحدة فلا يوجد مفسدين من الرموز والقيادات ومن سيزج بهم في السجون هم من المفسدين الصغار من أصحاب المناصب الصغيرة أو التضحية ببعض الأقارب – أقارب السياسيين – كي تكتمل عناصر المسرحية, وهذا ما يجعلنا نرجح الإحتمال الأول كما بينا.
أما في حال عرضت نتائج التحقيق على القضاء الدولي وتمت مخالفة ما توقعناه واحتملناه, فهل يا ترى سيتم التحقيق في ملفات الفساد التي تورط بها السيستاني ومؤسسته أم إنها ستبقى طي الكتمان وهل هي سبب سفر السيستاني المفاجئ والسري إلى لندن في منتصف شهر آب 2016 والذي دام أربعة أيام وتحت تكتم إعلامي شديد ؟ فيبدو إن السيستاني ذهب إلى هناك من أجل عدم التطرق لملفات فساده هذا في حال عرضت نتائج التحقيق على القضاء الدولي.