هدوء وصبر استطاعت دولة الإمارات أن تجعل من الشراكة واقعاً، صاحب الرؤية المستقبلية الذي يعرف ما يريد لوطنه وشعبه، كان يضع الأسس ليستقيم البناء.
وهذه هي النتيجة بين أيدينا، كل طاقاتنا مستثمرة في الوطن، فكبر الوطن، وكبر الأساس الذي نقف عليه، وأصبحت المرأة الإماراتية نموذجاً يحتذى به.
نحن مجتمع محافظ، متمسك بموروثاته وقيمه الدينية والمجتمعية، ودولتنا في بداية السبعينيات ناشئة، وزايد طيب الله ثراه، يتطلع إلى وضع لبنات تحفظ الثوابت، ولا تعطل نصف المجتمع، ففتح الأبواب للتعليم، وحفز الأسر على ذلك، واستوعب كل الراغبات في العمل بالمؤسسات الرسمية ضمن معايير مرضية لأولياء الأمور، ووفر الدراسات العليا بعد المدارس، وإلى جانبه كانت حرمه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك سنداً، فهي ترى أيضاً أن الوطن بحاجة ماسة إلى عطاء المرأة، فتولت سموها مسؤولية التمكين، وأيضاً من باب العلم والارتقاء المعرفي، ولم يقتصر الأمر على الفتيات الصغيرات، بل استدعت الأمهات، من لم يجدن مدارس أو مدرسين في بداياتهن، وتبنت مشروعاً عظيماً من خلال جمعية نهضة المرأة الظبيانية ثم الاتحاد النسائي العام، وكم كان جميلاً رؤية النساء الكبيرات في السن، وهن يركبن الباصات حاملات كتبهن مساء كل يوم، وكم كان رائعاً جلوس الأم مع أبنائها الصغار تحفظ القرآن وتسألهم عن معاني الكلمات وقواعدها، ثم اتبعته الشيخة فاطمة بمشاريع تثقيفية وإرشادية، حتى وصلت المرأة في هذه البلاد إلى مرحلة الشراكة الكاملة في البيت وفي المؤسسات التعليمية وفي كافة مجالات العمل.
لم نؤزم أنفسناً مع المرأة، ولم نهدر الوقت في جدال عقيم، لأننا حظينا بأم لهذا الموطن بذلت جهداً استمر أكثر من أربعة عقود، حفظها الله ورعاها، فهي بحق كانت وما تزال تقدم لنا ملحمة صهر أبناء الوطن في بوتقة العطاء والبذل، الرجل والمرأة يبنيان، والرجل والمرأة يكملان بعضهما، فتفجرت الطاقات تحت عين الأم التي نفتخر بها جميعاً، حتى وصلنا إلى ما ترونه الآن، إنه نتاج جهد وسهر ومتابعة ورعاية وتخطيط بناة الإمارات، و«أم الإمارات» بنت ومكنت وجنت الثمار، واستحقت أن نشاركها الإنجاز في اليوم الذي اختارته ليكون يوماً للمرأة الإماراتية، وهي على القمة تتربع، هي النموذج الأول، وهي المثال والقدوة، نحتفل معها، ونحتفي بها، فالفضل يعود إليها في كل ما أنجزته المرأة في بلادنا.
فاطمة بنت مبارك هي الأم المدرسة والمنهج، فهي التي تستحق التكريم اليوم وكل يوم، فقد اجتمع الخير بين يديها.