بذلت الحكومة الإثيوبية كل ما في وسعها في الآونة الأخيرة لقمع الاضطرابات والاحتجاجات التي نشبت في البلاد لمدة عام، ولكن تلك المشكلات تذهب إلى جذور عميقة منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، حيث مرت إثيوبيا بعدة فترات من الاضطرابات، التي لم تغير قادة البلاد فقط، ولكن غيرت أيضًا النظام السياسي والمؤسسات التي تحكمه، فالآن مع السخط العرقي تصل المشكلة إلى ارتفاع جديد، وتواجه إدارة ديسالين أكبر تحدٍّ لحكمه.
وقال موقع إثيوميديا: اندلعت الاحتجاجات بسبب مشكلات تتعلق بالإصلاح الزراعي، ولكن جذور السخط تذهب إلى أعمق من ذلك بكثير، حيث يشكل سكان العرق التيجري في إثيوبيا 6 في المائة فقط من سكان البلاد، إلا أنهم لا يتمتعون بالحقوق التي يتمتع بها باقي الشعب الإثيوبي، خاصة في التمثيل في المؤسسات الحكومية. وعندما اقترحت الحكومة تطوير الأراضي الزراعية في المناطق التي تهيمن عليها تيجري، والتي يستخدمها في الغالب شعب الأورومو، اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء مناطق أورومو منذ نوفمبر 2015 وحتى الآن.
في نهاية المطاف اتخذت الحكومة قرارًا ضد الاصلاح المخطط له، على أمل أن تنتهي وتتبدد الاحتجاجات، ولكن بدلًا من ذلك، واصل المتظاهرون احتجاجهم، حتى تحول إلى ثورة، واتجهت الحكومة لاعتقال المتظاهرين. ثم في الأسابيع الأخيرة انضم إليهم المواطنون في أمهرة، وهم جماعة عرقية أخرى كبيرة، يمثلون حوالي 29 في المائة من السكان، وتحول التركيز في الاحتجاجات من المطالبة بالمساواة السياسية إلى وضع حد لحكم الائتلاف الحاكم، الذي يهيمن عليه شعب تيجري، خاصة بعد أن تجاوزت الاحتجاجات أي شكاوى حول التشريعات المحددة، أو أي إجراء محدد لإنفاذ القانون، حيث أصبحت هناك مقاومة ضخمة من تيجري؛ لتحدي الحكومة الإثيوبية الحالية.
وأصبح شعبا الأورومو وأمهرة معًا يشكلان تهديدًا أشد على القيادة الإثيوبية من الخطورة التي كانت تشكلها أورومو منفردة، وعلاوة على ذلك فإن شعب أمهرة أكثر تركيزًا في المناطق الحضرية من أورومو؛ مما أدى إلى تشكيل خطورة من احتجاجاتهم في المراكز السكانية التي تواجه معارضة متزايدة من اثنين من أكبر المجموعات العرقية في البلاد، وقد حاولت الحكومة قمع الاضطرابات بالقوة.
تاريخ من الاضطرابات
وفي السياق ذاته قال موقع أوول أفريكا إن إثيوبيا ليس بلدًا غريبًا على الاضطرابات السياسية، فلعدة قرون كانت تدار البلاد من النظام الملكي وسلالة السليماني، الذي انتهى مع الإمبراطور هيلا سيلاسي في عام 1974، ثم تولى المجلس العسكري حكم البلاد؛ لتغيير النظام الأول، وتصعيدالمجلس العسكري الشيوعي لقيادة البلاد. وفي نهاية المطاف بدأ التأييد الشعبي للإدارة الجديدة يتآكل؛ مما أدى إلى حرب أهلية، وقام ضابط الدرغوي الأبرز، منغستو هايلي مريم، بمحاولة إصلاح على غرار ما حدث في جمهورية الصين الشعبية الديمقراطية في عام 1987، ولكن بعد أربع سنوات فقط أطاحت عدة جماعات عرقية بالحكومة، وأتت الجبهة الشعبية لتحرير تجراي، والتي يقودها ملس زيناوي، وسيطرت في نهاية المطاف السيطرة على إثيوبيا، وثبتت العنصر الذي يحكم حتى يومنا هذا.
التمرد الناشئ
في هذه المرحلة الاحتجاجات ونشاط المتمردين محدودان بالمقارنة بما واجهته الحكومة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ومع ذلك، نظرًا لحجم سكان أمهرة وأورومو في إثيوبيا، فإن التهديد ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد، خاصة أن الإدارة الإثيوبية الحالية غير متجانسة، والقوميات المعارضة الصغيرة بدأت في العمل معًا؛ مما عمل على زيادة المعارضة، التي تعاونت على أسس عرقية، فعجزت قوات الأمن الإثيوبية عن كسرها.
ويمكن للحركات الاحتجاجية في أورومو وأمهرة أن تغير مسار المستقبل في إثيوبيا، ولكن ليس من الواضح حتى الآن ما هي النتيجة التي ستحدث من انتفاضتهم. تغيير القيادة يمكن أن يؤدي لمزيد من الحريات السياسية، مثل السماح للجماعات المعارضة المحظورة بالمشاركة في انتخابات حرة ونزيهة، وفي نفس الوقت يمكن أن يؤدي إلى استمرار الصراع وعدم الاستقرار الذي طال أمده.