نون والقلم

الوطن محبة

كل البلاد جميلة في عيون أهلها.

وكل إنسان يفخر بانتمائه وجذوره.

من يسكن في خيمة، ومن يسكن في قصر، الاثنان متساويان في حبهما لديارهما، هذا يكتب قصيدة إذا سمعتها تمنيت أن ترى الصحراء التي يقيم فيها، وذاك يتغنى ويمتدح فيخيل إليك أنه يقيم في الجنة.

هل سمعتم شعراء البادية؟ أولئك الذين ظنوا أن النجوم المتلألئة في الليل لا تظهر إلا في سمائهم.

وهل سمعتم الفرسان؟ إنهم لا يرون شجاعة غير شجاعتهم، ولا يعترفون بسيوف غير سيوفهم.

والرواة وحكاياتهم، هل قرأتم كتبهم؟ تلك التي تختصر الحياة والمعاناة والمآسي والبطولات في شخصياتهم.

قد تكون كلها أوهاماً، وخاصة بعد أن ترى كل تلك المناطق، تعتقد أن الذين سردوا وسجلوا ورددوا كانوا يكذبون، المتنبي وابن بطوطة وشوقي والسياب وشكسبير وديكنز، وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، وشهرزاد وشهريار، ونجيب محفوظ والعقاد، وعنترة وأبو زيد، تنظر إلى أماكنهم، وقد تحملت مشاق السفر إليها، فلا تجد ذلك الشوق الذي تناثر حولك وأنت تقرأ أو تسمع، وتزول من ذاكرتك الروابط التي جمعتك بقصيدة أو رواية، وتكتشف أنك تفتقد العلاقة، الانتماء، الذكريات، وجوه الناس الذين كانوا هناك، والحب ما بين الذي قال وعبر ومن قيل له، علاقة إنسان بمكان.

المكان وطن، والوطن محبة.

كل إنسان يعشق أرضه، وكل إنسان يعتقد أنه محظوظ بوطن هو خير الأوطان، الأرض الجرداء وطن، والغابة وطن، والشاطئ والجبال، الأرض المشمسة الحارة، وتلك الممطرة الباردة المغطاة بالثلوج، كل بيئة تمتاز بشيء، قد يحبه أهلها، وقد يعيب على أهلها أهل مناطق أخرى، يعتبرونها نقيصة.

هكذا هو الإنسان، يتكيف، ويحب مكانه، ويتغنى به، ويفاخر بأنه الأفضل.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى