نون والقلم

جاءآ من الجوار

[bctt tweet=”هتلر” username=”nononline24″]

كلما تمعنَت في قراءة التاريخ٬ وجدَت أن من الصعب أن تفهم متناقضاته٬ أو عوارضه. كم مرة خطر لك أن أشهر حكام روسيا في القرن العشرين لم يكن روسيًا٬ وأن أشهر حكام ألمانيا لم يكن ألمانيًا؟ ستالين كان من جورجيا٬ وقد عاش ومات بهذه العقدة٬ وهتلر كان من النمسا٬ وقد حاول تغطية العقدة بإعلان الوحدة بين الدولتين.

كلاهما كان ملحدًا الأول بدأ إلحاده وهو راهب في الدير. والثاني بدأ يقرأ عن نظرية النشوء والتطور لداروين وهو يتسكع في شوارع فيينا. ستالين قاده إلحاده إلى أن الاشتراكية ستغير طبيعة البشر٬ فلا يعود بينهم شعور طبقي٬ وهتلر قادته نظرية التطور إلى أن العرق الجرماني هو أرقى الأعراق٬ والدليل عيناه الزرقاوان المسيطرتان. ستالين كانت عيناه عسليتين٬ يستخدم هدوءهما في خداع الجميع٬ خاصة ضحاياه. ستالين كان خجولاً٬ لا يجيد الخطابة ولا حتى المحادثة٬ يفضل الانزواء مع نفسه أو مع أقرب الناس. هتلر كان خطيبًا طاغيًا ومحدًثا طاغًيا لا يكف عن الكلام حتى إلى نفسه. ستالين «كان زير نساء»٬ وهتلر كانت علاقاته النسائية غامضة٬ حتى مع عشيقته الوحيدة٬ إيفا براون.

[bctt tweet=”ألمانيا” username=”nononline24″]

أين التقيآ إذن؟ في العنف. هتلر كان يمكن أن يزيل جميع شكاوى ألمانيا من مظالم الجغرافيا٬ من دون حرب. وستالين كان يمكن أن يحقق أحلامه في الإصلاح الزراعي والاجتماعي من دون نفي وقتل الملايين. حتى أقرب الناس إليهما كانوا أكثر اعتدالًا وروية٬ لكن أحدًا لم يجرؤ على الإفصاح عن رأي مغاير.

يجب أن تحذر الحاكم الذي يرعب مستشاريه ويرهب مساعديه؛ لأنه سيسلك طريقًا واحدًا هو الدمار والانتحار. لم تُدم فورات الثورة الفرنسية أكثر من عام تقريبًا٬ وانتهت إلى 42 ألف قتيل٬ بينما استمر الإرهاب الشيوعي ضد الشعوب السوفييتية حتى وفاة ستالين العام 1953 .بين 1934 و1940 مات مليون إنسان رمًيا بالرصاص. أرسل الملايين إلى المنافي والأشغال القسرية٬ والملايين لم يعودوا. لا أحد يعرف عدد ضحايا هتلر٬ من ألمان أو غيرهم٬ على وجه الضبط.

رغم إلحاد الاثنين٬ فقد حاولا أن يرسما لنفسيهما صورة المسيح: التقشف الشديد وافتداء الناس واجتراح العجائب. هتلر أظهر نفسه وكأن لا حياة له خارج العمل الوطني. يعبد فقط الناس٬ وعليها أن تعبده. كذلك ستالين. وفي الحالتين الحزب هو الأداة. وما هما إلا القائد. وما هو الحزب من دون قائده؟

لكن إذا كان لا بد من موضوعية تاريخية٬ لا بد من القول مع المؤرخة مارغريت ماكميلان٬ إن سلسلة من الهزائم والضياع والحروب الأهلية٬ كانت قد هيأت الناس في البلدين٬ لتقبل مثل هذا النوع من الديكتاتوريين. ولا شك لديها أن الروس والألمان أحبوا القائدين قبل التيُّقن من حجم الفشل والمصائب.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى