ساخن عاشه العراق سياسيًا، حيث بدأ بنشر معلومات عن عمليات فساد في المؤسسة العسكرية العراقية، اتهم فيها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، أمام البرلمان نوابا ورئيس البرلمان، سليم الجبوري، بعمليات فساد وتقاضي رشاوى، وهو ما ينذر بدخول العراق نفقا مظلما تُعيد بموجبه ترتيب المشهد السياسي، في وقت تحتاج فيه إلى توحيد القوى لمواجهة الإرهاب الضارب بجذوره في أراضيها.
جلسة برلمانية تنتهي برفع الحصانة
رفعت رئاسة مجلس النواب العراقي، اليوم الثلاثاء، الجلسة التاسعة من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة إلى الخميس المقبل، وكان من المفترض أن تكون هذه الجلسة حاسمة بالنسبة للأزمة الدائرة حاليًا، حيث إن هذه الجلسة هي الأولى من نوعها بعد جلسة استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي، المثيرة للجدل والتي أدخلت البلاد في دوامة أزمة سياسية وتبادل اتهامات لا يزال مستمر حتى الآن، وأعلن مجلس النواب، قبل انطلاق جلسة اليوم، أنه سيستكمل استجواب وزير الدفاع، إضافة الى مناقشة قانوني العفو العام والمساءلة والعدالة والتصويت عليهما، وبحسب الآليات القانونية التي ذكرتها اللجنة القانونية في البرلمان، فإن استئناف استجواب العبيدي يتطلب تصويت نصف النواب الحاضرين زائد واحد، وفي حال صوت النواب الحاضرون على استئناف الجلسة، يُستدعى العبيدي لاستكمال استجوابه.
الأحداث جاءت منافية لما تم الإعلان عنه، حيث شهدت جلسة اليوم الثلاثاء، التصويت على رفع الحصانة عن رئيس البرلمان سليم الجبوري، والنائبين عن تحالف القوى محمد الكربولي، وطالب معمار، وذلك بموافقة أعضاء المجلس الذين صوتوا بالأغلبية مؤيدين رفع الحصانة عن الجبوري ونوابه لاستكمال التحقيق باتهامات وزير الدفاع خالد العبيدي، كما تم تأجيل التصويت على قناعة المجلس بأجوبة وزير الدفاع خالد العبيدي، خلال جلسة استجوابه من عدمه إلى الاثنين المقبل، وقد ترأس جلسه اليوم النائب الثاني لرئيس مجلس النواب آرام شيخ محمد.
“هيئة النزاهة” تدخل على خط الأزمة
دخل مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة في البرلمان على خط الأزمة، وقرر مجلس القضاء الأعلى إنشاء هيئة قضائية تتولى التحقيق بالتنسيق مع هيئة النزاهة، واستضافت الهيئة خلال الأيام القليلة الماضية كلا من وزير الدفاع ورئيس البرلمان، والنائب عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي، ودُونت إفاداتهم بشأن تبادلهم للاتهامات وتورطهم في صفقات فساد تخص المؤسسة العسكرية.
في الوقت نفسه، أصدر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، توصية بمنع رئيس البرلمان، سليم الجبوري، من السفر إلى خارج البلاد بناء على الاتهامات الموجهة له، ومن جانبه قدم الجبوري دعوى قضائية في محكمة الكرخ الأولى ضد وزير الدفاع خالد العبيدي بتهمة الادعاءات الكاذبة وتضليل الرأي العام وإهانة مؤسسات الدولة السيادية.
كيف تنتهي الأزمة؟
على الرغم من أن القضية السياسية لا تزال أمام القضاء العراقي، ولا تزال الاتهامات متبادلة بين الفرقاء السياسيين، إلا أن الآراء والرؤى اختلفت حول الإجراءات القضائية والقانونية التي يمكن أن تحل القضية، حيث رأى البعض أن المؤشرات الحالية توحي بتسوية هذه الأزمة من خلال إعادة ترتيب وإقصاء بعض القيادات البارزة في الكتلة السنية، حيث قالت مصادر إعلامية إن هناك اجتماعًا مهمًا عُقد في ساعة متأخرة من ليل الأحد الماضي، وانتهى بالاتفاق مبدئيًا على إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري، وتعيينه نائبًا للرئيس القادم، وإقالة وزير الدفاع خالد العبيدي، فيما سيتم تعيينه محافظًا للموصل، كما جرى الاتفاق على عزل حركة الحل بزعامة جمال الكربولي، ورئيس كتلة الحركة البرلمانية، محمد الكربولي، وإبعادهما عن اتحاد القوى، فيما رأى البعض الآخر أن الإجراءات القضائية فيما يتعلق بتلك الاتهامات سوف تطول.
الحديث عن إقالة الجبوري والأزمة الحالية من شأنها أن تؤدي إلى تعطيل عمل وجلسات البرلمان، حيث إن رئيس البرلمان سليم الجبوري، لا يمكنه اعتلاء منصة رئاسة المجلس حتى انتهاء التحقيق في القضية وإثبات براءته، لذا فإن مجلس النواب، وتحديدًا تحالف القوى الوطنية الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان، قد يذهب إلى ترشيح شخصية بديلة من الجبوري بغية مواصلة العمل من دون انقطاع أو تأخير، حيث انطلقت التوقعات والترجيحات حول الأسماء التي يمكن أن تخلفه في رئاسة المجلس، وتم طرح 4 أسماء هم: رئيس البرلمان السابق والقيادي في اتحاد القوى محمود المشهداني، ورئيس كتلة اتحاد القوى البرلمانية أحمد المساري، ونائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حامد المطلك، ووزير التربية السابق محمد تميم، الذي أكدت العديد من المصادر أنه الأوفر حظًا لرئاسة البرلمان.
تخبط تحالف القوى العراقية
اندلاع الأزمة بين رئيس البرلمان سليم الجبوري، ووزير الدفاع خالد العبيدي، أدى إلى امتدادها إلى جميع أطراف المكون السني، حيث شن رئيس ائتلاف “متحدون” أسامة النجيفي، هجومًا هو الأول من نوعه على الجبوري، معتبرًا إياه أنه لم يعد صالحًا لرئاسة البرلمان، وأضاف: أنه حتى لو لم يثبت القضاء التهم الموجهة ضد الجبوري، فإننا نرى أن الرجل فشل في إدارة البرلمان، وتقاطع مع القوى السياسية، ولم يكن كفوءًا.
في المقابل كشف مصدر في مكتب رئيس البرلمان سليم الجبوري، عن اجتماع عقد قبل أيام بين الجبوري وعدد من القيادات السنية المشاركة في العملية السياسية، مبينًا أن الاجتماع جاء لتكذيب الشائعات بشأن إقالة رئيس البرلمان، وقال المصدر إن اجتماعًا عقد بين قيادات تحالف القوى بينهم رئيس البرلمان سليم الجبوري، ورئيس ائتلاف متحدون أسامة النجيفي، ورئيس جبهة الحوار صالح المطلق، والقيادي بالقائمة الوطنية محمود المشهداني، ورئيس الحزب الإسلامي إياد السامرائي، مبينًا أن الاجتماع عقد بمنزل النجيفي، وأضاف أن الاجتماع جاء لدعم الجبوري وتكذيب الشائعات بخصوص إقالته.
من جانبه، أعلن تحالف الكتل السنية في البرلمان العراقي تعليق قرار إقالة أو استقالة رئيس مجلس النواب لحين إصدار القضاء قراره بشأن التهم التي وجهها إليه وزير الدفاع، وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لائتلاف متحدون المنضوي ضمن التحالف، أن النجيفي ترأس اجتماعًا مهما حضره عدد من قادة الكتل والأحزاب في مجلس النواب والحكومة العراقية، وأضاف أن الاجتماع عقد لبحث المستجدات على الساحة السياسية والمعارك ضد الإرهاب لتحرير الأرض العراقية، وبحث العلاقة مع الكتل السياسية الأخرى، ومناقشة القضايا الداخلية لتحالف القوى العراقية، وكذلك الأزمة التي حصلت في مجلس النواب أثناء استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي، وتابع البيان أنه بعد مناقشة معمقة ومستفيضة لهذه المحاور سادتها الصراحة والرغبة المؤكدة في معالجة المشاكل عبر رؤية وطنية شاملة، تم اتخاذ جملة قرارات وتوصيات منها متابعة القرارات القضائية حول رئيس مجلس النواب بناء على جلسة استجواب وزير الدفاع، مع دعوة القضاء لحسم الأمور المطروحة عليه بمهنية وعدالة بعيدًا عن أية تأثيرات.