عندما أكتب عن زايد لا أستطيع أن أختزل عمراً في بضعة سطور، فهذه ليست مناسبة، حياة رجل من رجال التاريخ لا ترتبط بمناسبة، ولا تلح ذكراها في يوم من أيام السنة، فقط لأنها ذكرى مرور 50 عاماً على بزوغ شمسه أتوقف، وأسترجع السادس من أغسطس 1966، يوم أن قال الرحالة والكتاب الأجانب الذين عرفوه «إن رجلاً من الصحراء لديه أحلام كبيرة يحكم إمارة أبوظبي».
وحكم زايد أبوظبي قبل نصف قرن، وفوق اللاشيء فرش أحلامه، وبنى القواعد، فكانت المحبة أولى ركائز البناء، وعندما رأى التفاؤل بالمستقبل مرتسماً على وجوه أهله ومواطنيه انطلق، فإذا بحلمه يكبر ويكبر ويتجاوز حدود الإمارة التي يحكم، واتسعت الدائرة، وامتدت الأرض، وتشعبت الرؤية، وعظم الطموح، وتمازجت النوايا الحسنة، وتقاربت الأهداف، ومن حكم الإمارة نبتت دولة.
كان الثاني من ديسمبر 1971 نتاجاً للسادس من أغسطس 1966، فهذا يوم وهذا يوم آخر، وفي كلا اليومين يغير التاريخ مساره، بفعل رجل نظر في الأفق يوماً وحلم بأنه قادر على إنجاز ما لم ينجزه بشر من قبل، وعندما توافرت الوسيلة، وتمكن من الحركة صنع حضارة، وضرب مثلاً، بل أسس مدرسة، ووضع لها منهاجاً، وغير قواعد الحكم وطرق إدارة الدول، وكسر بروتوكولات الحكام، فجعل للقيادة أسلوباً آخر غير المتعارف عليه.
امتدت أحلام زايد بعد 6 أغسطس، فوجد ابن أبوظبي وابن الإمارات وابن الخليج نفسه يعيش في الحقيقة التي صنعها رجل قيل إنه آت من الصحراء، حقيقة راسخة ثابتة متمكنة، هي ما ترونها أمامكم رأي العين، وتلمسونها بكل حواسكم ومشاعركم، من أبوظبي ودولة الإمارات حتى مجلس التعاون الخليجي الذي انطلق من هنا من عاصمة الأحلام المتحققة.
إنه يوم صنعه رجل حلم فعمل فأنجز.
إنه يوم زايد الهبة الربانية، من نترحم عليه وندعو الله أن يسكنه فسيح جناته، ويسدد خطى أبنائه.