نون والقلم

أحدث فروع «محال» «داعش»

رويداً رويداً، كانت خلايا «داعش» الإرهابية تبني أولى عتبات «صيتها» وصعودها، أمنياً واجتماعياً وثقافياً، في حياة جمهورية بنغلاديش الشعبية، من خلال الأسلوب الكلاسيكي ذاته الذي يعتمده التنظيم في بناء مجده، و«علامته التجارية»، وهي الخطف والذبح بالسواطير والسكاكين وعمليات القتل الجماعي بواسطة انتحاريي الأحزمة الناسفة.
في 26 ديسمبر/كانون الأول 2015 أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير نفذه انتحاري بحزام ناسف، اندس وسط المصلين الذين كانوا يؤدون صلاة الجمعة في مسجد للطائفة الأحمدية في باغمارا التي تبعد نحو 250 كلم من دكا، وقال موقع «سايت» الذي يرصد المواقع الجهادية، إن التفجير أسفر عن عشرات الجرحى أو القتلى، بينما ذكرت الشرطة أن الانفجار أسفر عن مقتل الانتحاري وجرح ثلاثة من المصلين.
وفي 23 إبريل/نيسان 2016 تبنى تنظيم «داعش» اغتيال أستاذ اللغة الانجليزية الجامعي رضا كريم صديق، بالسواطير فيما كان متجهاً إلى موقف للحافلات قرب منزله في مدينة راجشاهي في شمال غرب بنغلاديش، حيث كان يعلم في الجامعة الرسمية، على ما أوضح مسؤول في الشرطة المحلية في وقت سابق لـ«فرانس برس».
وفي 25 إبريل/نيسان 2016 قام متشددون إسلاميون بقتل اثنين من نشطاء الدفاع عن حقوق المثليين في شقة في العاصمة دكا.
وفي 30 إبريل/نيسان 2016 قام «مجهولون» – بحسب الشرطة البنغالية – بطعن الهندوسي نيخيل شاندرا جوردار (50 سنة) حتى الموت أمام محل حياكة الملابس الخاص به في منطقة تانجيل على بعد نحو 100 كم شمال غرب العاصمة دكا.
وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم.
وتشمل قائمة ضحايا التنظيمات الإرهابية في بنغلاديش أيضاً، خمسة مدونين علمانيين، وناشراً، وعدداً من رجال الدين الصوفيين، إضافة إلى أجنبيين اثنين، وخبير زراعة يابانياً، وآخر إيطالياً يعمل في المجال الإنساني. وأعلن كل من تنظيم «داعش» وجماعة أنصار الإسلام، أحد فروع تنظيم القاعدة، مسؤوليتهما عن تلك الهجمات.
ثم أكمل تنظيم «داعش» ذلك بعملية نوعية في شهر رمضان الفائت، توج بها عملياً الإعلان الرسمي عن وجوده الفعلي والفاعل في بنغلاديش، حيث أفادت وكالة أنباء «أعماق» التابعة للتنظيم بأن مجموعة من عناصره اقتحمت مطعماً في الحي الدبلوماسي في دكا، واحتجزت رهائن قامت بقتل 20 منهم، قبل أن تنجح الشرطة في اقتحام المكان وقتل المهاجمين.
الآن ما هي ملابسات التحاق بنغلاديش بخريطة تواجد ونفوذ تنظيم «داعش»، في مناطق تواجده ونفوذه العالمية؟ المؤكد أن هذا لم يحصل بين ليلة وضحاها. فلابد من مقدمات وإرهاصات. فبموجب فرضية المنطق العلمي، فإن بنغلاديش التي تعتبر الوجه الآخر لجارتها باكستان التي انفصلت عنها في عام 1971، لا يمكن أن تتفادى المآل «الإرهابي» الذي انتهت إليه الجماعات الإسلامية المتشددة في باكستان. فالحال أنه، كما في باكستان، فقد أنشأ التنظيمان «الأم»، القاعدة و«داعش»، فرعين لهما في بنغلاديش، فنشطت القاعدة تحت مسمى «أنصار الله البنغالية» التي من «مآثرها» قتل خمسة كتّاب ليبراليين، وتعميم لائحة بأسماء أشخاص مستهدفين . فيما تباهى تنظيم «داعش» بتنفيذ العديد من التفجيرات وعمليات إطلاق النار التي أسفرت عن قتل العديد من الأجانب ورجال الشرطة والمسلمين الذين يكفرهم التنظيم.
بنغلاديش واحدة من أفقر دول العالم، كما أنها من الدول التي تعاني فيض السكان المتصاعد بسرعة. وبعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، وما تلاه من إعلان الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب، فقد وجد الكثير من الجماعات الأصولية في بنغلاديش ملاذاً مثالياً للتخفي والنشاط الآمن. وتستخدم هذه الجماعات المساعدات الأجنبية وأموال المؤسسات الخيرية التي تتدفق بغزارة على البلاد لتمويل «المدارس» التي تجند الشباب المتحمس للانخراط في قضية «الجهاد».
ويمكن تمييز عاملين رئيسيين لنجاح «داعش» في افتتاح «محله» الجديد في بنغلاديش، وهما مساحة الفقر المدقع، والتمكين لرأس المال الديني ومجموعات الضغط المرتبطة به من «توريد وتوطين».

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى