يتصور بعضهم إن سكوت السيستاني وعدم صدور أي شيء منه بما يخص التظاهرات العراقية السابقة واللاحقة هو عزوف عن إبداء الرأي كما ادعى هو وحاشيته, لكن واقع الحال يثبت إن له موقفاً رافضاً ومناهضاً للتظاهرات … ولكم ما يُثبت ذلك : الكل يعلم بأن المليشيات – مليشيا الحشد – تشكلت بفتوى من السيستاني وهي تأتمر بأمره ولا تخرج عن طوعه ويعد هو الأب الروحي لهذه المليشيات وأي فتوى أو أمر يصدر منه تكون تلك المليشيات ملزمة بالطاعة والإمتثال لهذه الفتوى وهذا الأمر, ما هو موقف تلك المليشيات من التظاهرات العراقية ؟ الجواب واضح عند الجميع, موقفها واضح من خلال ما قامت به من عمليات قمع للمتظاهرين سابقاً وكذلك التهديد والوعيد الذي وجهته للمتظاهرين في الجمعة القادمة, وهي بذلك توفر الحماية لحكومة الخضراء من الفاسدين والمفسدين وتقف بوجه إرادة الجماهير العراقية .
هنا نسأل, موقف هذه المليشيات هو ذاتي أم إنه بتوجيه من قياداتها ؟ وهنا يتولد سؤال آخر وهو هل قيادتها سياسية أم دينية عقائدية ؟ أي هي عبارة عن مليشيات تمثل الجناح العسكري للكتل والأحزاب الحاكمة أم هي تابعة لمرجعية السيستاني ؟ إن كانت سياسية وتمثل الجناح العسكري للكتل والأحزاب الحاكمة فهذا يخالف قانون الأحزاب الذي صوت عليه البرلمان وهذا يجعلها – المليشيات – هي والأحزاب والكتل خارجة على القانون وتكون الدولة ملزمة بمطاردتها وملاحقتها وتفكيكها وإن عجزت عن ذلك فإن الأمر سيؤول إلى أميركا كونها ملزمة بإلاتفاقية الأمنية الموقعة عام 2011 م مع الحكومة العراقية, وسكوت الحكومة عن هذه المليشيات يفقدها الشرعية, وهنا يستلزم من السيستاني أن يعلن براءته من تلك المليشيات لأنها غير خاضعة ولا منقادة له, وأما سكوته عنها فهذا يعني إنه يمضي مخالفتها للقانون ويشرعن لها كل ما تقوم به وخصوصاً موقفها الرافض للتظاهرات وهذا يعني إن السيستاني يرفض التظاهرات ويقف بوجه إرادة الشعب ويؤيد الممارسات القمعية التي تقوم بها تلك المليشيات بحق المتظاهرين.
أما إذا كانت قيادة هذه المليشيات دينية عقائدية وليست سياسية وغير تابعة للأحزاب والكتل الحاكمة, فهذ يعني إنها فعلاً مليشيات تابعة لمرجعية السيستاني لأنها تشكلت على ضوء فتوى الجهاد التي أصدرها وتأخذ توجيهاتها وأوامرها من السيستاني ووكلائه ومعتمديه, وهذا يعني إن موقفها القمعي من التظاهرات جاء وفق توجيهات السيستاني وأوامره, وما يؤكد إن هذه المليشيات وبمختلف فصائلها وأسمائها وعناوينها هي تابعة لمرجعية السيستاني هو الإشادة الدائمة والمستمرة التي تحظى بها تلك المليشيات من مرجعية السيستاني, وكذلك ما قامت به هذه المرجعية من حفل تكريم وإحتفاء بقادة وزعماء تلك المليشيات وتكريمهم وتقليدهم الأوسمة لتُثبت هذه المرجعية إنها مرجعية تستأكل بأسم الدين والإسلام وقد تركت الحق وأهل الحق وتمسكت بالباطل وأشاعت القتل وسفك الدماء, مرجعية عملت ومنذ سنوات على إذلال الشعب العراقي وإدخاله في دهاليز المعارك والحروب وسفك الدماء حيث قال المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة الثانية من بحث ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” والتي تقع ضمن سلسلة محاضرات ( التحليل الموضوعي للعقائد والتاريخ الإسلامي )…
{{… يقول النبي ” صلى الله وعليه وآله وسلم ” .. (سيأتي على أمتي زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا إسمه يسمون به وهم أبعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة إليهم تعود) وإلا كيف نتصور, كيف يتصور الإنسان البسيط شخص يدعي المرجعية يأتي ويُكرم ويُلبس القلادة ويُقلد الوسام لشخص يظهر علناً يقطع الأشلاء, يمثل بالجثث, كيف نتصور هذا؟! أي مرجعية وأي علم وأي عمامة هذه ؟! …}}.
ومن هنا يتضح موقف السيستاني من التظاهرات العراقية ومن مطالب الجماهير بطرد الفاسدين والمفسدين, فهو رافض لهذا الأمر ولا يريده بل إنه يبيح سفك دماء المتظاهرين وذلك من خلال إمضائه للممارسات القمعية التي تقوم بها مليشياته إزاء المتظاهرين, وما قرار إعتزال الرأي الذي إتخذه ماهو إلا طريق ملتوي برر به سكوته وإمضائه لجرائم تلك المليشيات, فهو لا يريد أن يقع بالخطأ الذي وقع فيه عام 2011 م عندما حرم التظاهر ضد حكومة السفاح المالكي والذي أصبح مستمسكاً قوياً لإدانته في دعم الحكومات الفاسدة والظالمة, لذلك صمت وسكت وإعتزل الآن وترك مليشياته هي من تتحدث بالنيابة عنه وتظهر موقفه الحقيقي من التظاهرات العراقية الرافضة لكل المفسدين الذين جاءوا على صهوة فتوى السيستاني بوجوب إنتخابهم ضمن القوائم سيئة الصيت ( 169 و 555 ) .