قالت الدبلوماسية الأمريكية أن جون كيري وزير الخارجية سيحمل عرضا نهائيا للروس خلال زيارته لموسكو ،وتعتبر واشنطن وموسكو هذا اللقاء حاسما في تكوين رؤية جديدة وجدية ومجدية للملف السوري.
وتريد واشنطن على ما يبدو من اقتراحها تكريس استراتيجيتها التي تطالب بوقف الهجمات على مقاتلي المعارضة الذين تعتبرهم معتدلين، ووقف قصف المناطق المدنية والسماح للمساعدات بالوصول إلى المدن والبلدات المحاصرة.
ورغم أن الزيارة وصفت من قبل مسؤولين في الخارجية الأميركية على أنها ستهتم بفتح مجال التنسيق بين واشنطن وموسكو عسكريا لتنسيق القيام بضربات عسكرية ضد داعش وجبهة النصرة في سوريا، إلا أن عدم مصاحبة وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر لكيري يلقي بظلال من الشك على امكانية الحديث عن تفاصيل التنسيق العسكري المزمع.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، البنتاجون، قوله، إن كارتر يرفض المباحثات مع موسكو ويعارض التنسيق العسكري معها معتبرا أن أي محاولة للقيام بذلك ستمثل انتصارا لروسيا في سوريا، خاصة وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يريد التخلي عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد بل ويتطلع إلى مواصلة القتال في حلب وربما الرقة مستقبلا.
وقال دبلوماسي في الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية إن الإدارة الأميركية تنظر إلى زيارة كيري على أنها فرصة مهمة للتنسيق من أجل معركة الرقة وما بعدها، إذ ترى واشنطن أن التنسيق مع موسكو قد يساهم في كبح جماح التطلع الروسي إلى الرقة باعتبارها فرصة لتقوية موقف الأسد عسكريا.
وأشار الدبلوماسي إلى أن واشنطن تخشى من أن القضاء على داعش في الرقة قد يستتبعه ولوج جبهة النصرة – التي تعتبرها واشنطن منظمة ارهابية – إليها، ومن ثم فهي تريد التأكد من تخلي موسكو تماما عن أطماعها في منح النظام السوري السيطرة عليها أو السماح له باستهداف المعارضة السورية المسلحة.
والشهر الماضي اجتمع وزراء الدفاع الروسي والسوري والإيراني في طهران في لقاء قالت موسكو إنه يأتي في إطار تنسيق عمل عسكري مشترك تؤازر فيه موسكو وطهران دمشق في الزحف على الرقة معقل «داعش» الأخير في سوريا.
وتقول جايلي ليمون عضو مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن لسكاي نيوز عربية إن التنسيق العسكري الأميركي الروسي قد يبدو صعبا الأن لكن ما يسعى كيري لتحقيقه خلال زيارته موسكو هو تعرية أي مساع روسية للقيام بعملية عسكرية منظمة في الرقة. وتذكر ليمون بحصول تقدم للجيش السوري نحو الرقة من المحور الجنوبي الغربي في عمليته التي أطلقها مطلع الشهر الماضي، حتى بلغ مدينة الطبقة.
وفيما يواصل «تحالف قوات سوريا الديمقراطية» المدعوم من الولايات المتحدة زحفه من الشمال قادما من منبج الواقعة على الطريق الواصلة بين الحدود السورية التركية والرقة عاصمة داعش، فإن واشنطن بحسب ليمون لا تبدو واثقة من سماح موسكو بتحقيقه انتصارا دون أن تتحرك.
وفيما لا يبدو أن احدا في واشنطن يثق في إمكانية ابرام اتفاق اميركي روسي خلال زيارة كيري موسكو، فإن الجميع من معارضين ومؤيدين لها يتمنون نجاح كيري في كبح جماح أي تحرك روسي من جانب واحد باتجاه الرقة، خاصة وأن الولايات المتحدة مشغولة بدعم الجيش العراقي في معركته الوشيكة لتحرير الموصل، وهو الأمر الذي لا تتمنى أن يتزامن مع مغامرات روسية في الرقة.
ويقول دبلوماسي في الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية إن إدارة الرئيس أوباما ترى أن تحرير الموصل أمر ممكن قبل انتهاء فترة الرئيس أوباما الرئاسية، لكنها لا تعتقد أن معركة الرقة سيتم انجازها خلال الوقت نفسه. ويعتقد الدبلوماسي أن تزامن تحرير الموصل مع تقدم الجيش السوري على الأرض في سوريا سواء في حلب أو الرقة سيمثل علامة فشل واضحة للإدارة الأميركية الحالية أو على الأقل «انتصارا منقوصا».
وتأتي زيارة كيري في سياق أخر ليس ببعيد، فأحاديث قمة الناتو قبل يومين التي اعتبرها بوتن دلالة مباشرة على نية الحلف التصعيد في شرق أوكرانيا، يمكن ان تصلح نقطة ابتداء مهمة في مفاوضات كيري-لافروف. فإدارة الرئيس أوباما مهتمة ببقاء قنوات الاتصال المباشرة مع موسكو على قاعدة من التفاهم والمقاربات الواسعة في جميع القضايا ليسهل على الرئيس المقبل تولي تركة الرئيس أوباما دون صعوبة في اتخاذ القرارات المناسبة آنذاك.