نون والقلم

احمدوا الله

كثيرون لا يقدرون النعم التي يعيشون فيها، خاصة أولئك الذين يربطون مكاسبهم الشخصية بمستوى الرضا والقناعة، بينما الحقيقة تثبت لهم أن الأمن والعدل والمساواة والاستقرار الوظيفي والحياة الكريمة هي مقومات نجاح ورسوخ الدول وتماسك مجتمعاتها.

قمة النعم هي أن تعيش دون خوف في بلادك، لا تخاف من فصل تعسفي من وظيفتك، ولا تخاف من تكوين أسرة دون أن يكون لديك منزل، ولا تخاف من تطاول شرطي عليك في الشارع، ولا تخاف من حق يضيع في أروقة المحاكم، ولا تخاف من تمييز بينك وبين شخص آخر لأي سبب من الأسباب العنصرية.

قمة النعم أن تخرج من بيتك مطمئناً على حياتك، وعلى إنسانيتك، وعلى حريتك الشخصية، في أي وقت، ونحو الاتجاه الذي تختاره، نهاراً أو ليلاً، شرقاً أو غرباً، أنت تقود نفسك، ولا يقودك غيرك، لا يوجهك رقيب أو متطفل أو مجرم، ولا تصطادك رصاصة طائشة.

مر علي كل ذلك وأكثر، لحظة أن رأيت ذلك الشخص بين شرطيين ممدداً على الأرض، ولحظة إطلاق الرصاص على قلبه، في مدينة من مدن بلاد الحريات والديمقراطية، بلاد مارتن لوثر والحقوق المدنية، بلاد رئيس ملون وصل عدد الملونين الذين قتلوا خلال عامين من حكمه دون سبب من رجال الشرطة إلى أكثر من 2000 شخص، بلاد يباع السلاح فيها كما تباع الحلويات، بلاد تقفل بعض أحياء مدنها الكبرى في وجه الشرطة ليلاً، وتستباح من الشرطة نهاراً، بلاد تدير كل شارع من شوارعها عصابة، ولكل عصابة لون ولغة وقانون، بلاد لا يستطيع فيها الفقير أن يقاضي الأغنياء لأنه لا يملك رسوم المحكمة.

حمدت الله، ومازلت، على ما نحن عليه، وزادني هول ما حدث بعد ساعات، فالنفوس المشحونة استفزت، والمشاعر تأججت، والمسيرات السلمية خرجت، ولكن ذلك الجندي كان له رأي آخر، فهو يملك وسيلة أكثر فاعلية من وجهة نظره، وردة الفعل ستكون أفضل لقضيته، وحصد أصحاب «البدلات الزرقاء»، رجال الشرطة أصبحوا ضحايا اختلال فكر شخص واحد، شخص قرر أن يكون بديلاً للعدالة، فخرق كل المواثيق التي تفاخرت بها الولايات المتحدة.

فلنحمد الله على النعم التي أنعم بها علينا.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى