نون والقلم

الإرهاب الشامل ومَن وراءه!

في أيام الصوم الرمضاني المبارك وعشية عيد الفطر السعيد لم يتردد الإرهابيون من كل الجنسيات والنزعات في ضرب المدنيين أولاً وآخراً في أكثر من بلد عربي ومسلم وفي الوقت نفسه.
التفجير أو الهجوم قرب المسجد النبوي الشريف وفي أثناء الصلاة كان الأكثر دوياً على اعتبار أنه مثّل تجرؤاً غير مسبوق على واحد من أجل وأهم مقدسات المسلمين، وكذلك استهداف مسجدين في منطقة القطيف.. ومن ثم مطار إسطنبول على اعتبار أنه بوابة تركيا على العالم وعبره يمر ستون مليون مسافر سنوياً شرقاً وغرباً. الضحايا ال 43 كلهم كانوا من المدنيين وسقطوا أبرياء التعصب الإرهابي. ولا غرو أن ندد الجميع بهذا الإجرام.
ومن إسطنبول انتقل الإرهاب إلى العراق حيث تم تفجير مجمع تجاري في شارع مكتظ بحي الكرادة ليسقط أكثر من 250 ضحية ومئات الجرحى. ليس من سبب لهذا الإجرام سوى تعميم الرعب وزرع الخوف في النفوس المؤمنة في الشهر الكريم وعشية الأعياد. وليس هو الانفجار الأول في العراق بل سلسلة من مئات التفجيرات منذ سنوات. الإرهاب لا يعرف حدوداً ولا ضوابط ترعى عمله الذي يرفعه باسم الدين.
وانتقل الإرهاب دفعة واحدة إلى داخل المملكة العربية السعودية. ثلاثة تفجيرات خلال ساعات.
كانت المفاجأة الكبرى أن الإرهاب لا يتردد في أن يحاول تفجير زوار المرقد النبوي الشريف في المدينة المنورة. واختار المجرمون توقيتاً حساساً وهو وقت الإفطار أي وقت توافد المؤمنين لأداء الصلاة في المسجد قبل مباشرة تناول الإفطار. وما أدراك ما العدد الهائل من المصلين الذين يعدون بعشرات الآلاف الذين يتسع لهم الحرم النبوي.
من جديد ضربت العناية الإلهية موعداً مع المجرمين فلم يستطع الانتحاري دخول الحرم النبوي ففجر نفسه في نقطة للشرطة خارج الحرم وعلى حدوده ليسقط أربعة من الشرطة ضحية الاعتداء.
كذلك لم يوفر الإرهاب بنغلادش حيث ضرب العديد من الأجانب ولا سيما من الأوروبيين.
وقبل كل هذه الاعتداءات كان الإرهاب يضرب في باريس وفي بروكسل بعيداً عن المناطق العربية والإسلامية حيث سقط عشرات القتلى.
ويلاحظ القارئ أننا لم نمر على ما تعاني منه سوريا وليبيا واليمن من احترابات واضطرابات وفوضى ودم على أساس أن ما يحدث هناك ليس بجديد وهو مفتوح منذ سنوات ويمعن نزفاً وتفتيتاً ودماراً وخراباً في إحدى أكبر المآسي التي تضرب أهدافاً عربية.
من هذه المروحة التي لا تهدف إلى مجرد التعداد نرى أن الإرهاب لا يعرف حدوداً جغرافية ولا يستثني ديناً من آخر ولا ظروفاً مقدسة من أخرى رياضية.
لم يعرف الإرهاب في السنوات الأخيرة حدوداً من أي نوع كانت. ولكن ما يميزه أنه قادر على العمل في الوقت نفسه في أكثر من جبهة وبقوة كبيرة ومدمرة. وهو ما يطرح أسئلة كثيرة عن ظروف هذه القدرة ومن يقف وراءها. فإذا كانت كل أصابع الاتهام تضع تنظيم «داعش» في قلب الاتهام وهذا صحيح فهل يعقل أن يتمكن هذا التنظيم الوليد منذ سنتين أو ثلاث سنوات من إدارة كل هذه العمليات من العراق إلى سوريا وتركيا وليبيا والسعودية واليمن وفرنسا وإندونيسيا وبنغلادش والصومال ومصر وبلجيكا ويهدد دولاً أخرى، في وقت يختبئ فيه قادته وتعلن الولايات المتحدة بصورة منتظمة أنها تقتل قادة منه هنا وهناك ومع ذلك لا تتراجع قوة واندفاع هذا التنظيم؟
هل يعقل أن يكون تنظيم وليد بهذا الاتساع من دون وجود عقول مدبرة وعالية التكتيك وراء كل حركته في أربع رياح الأرض؟وهل يعقل ألا تكون أجهزة المخابرات العالمية عالية التقنيات ورفيعة الخبرة قادرة على تعقب حركة قادة التنظيم وتقييد حركة أعضائه الذين ينتقلون عبر المطارات الرسمية ومعظمهم معروف لدى أجهزة المخابرات في بلادهم؟ وهل يعقل ألا تكون كل هذه الدول المستهدفة وكلها مقتدرة وكبيرة وقوية قادرة على تنسيق الجهود لمحو هذا التنظيم من قواعده في كل هذه الدول؟وهل يعقل أن يكون هذا التنظيم أقوى من كل هذه الدول مجتمعة؟
إن الإجابة على كل هذه الأسئلة واضحة وهي بالنفي وبالتالي نكتشف حينها وندرك أين هو مصدر الإرهاب الفعلي في العالمين العربي والإسلامي وفي أوروبا.

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى