استضاف رواق عوشة بنت حسين الثقافي والإجتماعي في دبي الدكتورة دعاء حاتم الشهيرة بلقب “بصمة تحدي الإعاقة ” لتكون المتحدثة الرئيسية في الأمسية الأخيرة لمجلسه الرمضاني الأخير الذي عقد مساء أمس متزامنا مع فعاليات يوم زايد للعمل الإنساني والذكرى الثانية عشر لرحيل حكيم الأمة ومؤسس اتحاد الامارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
واستهلت الأمسية بكلمة للدكتورة موزة عبيد غباش رئيسة الرواق قالت فيها : نعيش أجواء ذكرى رحيل والدنا الشيخ زايد ذلك القائد الذي تعجز الكلمات عن تسطير إنجازاته والذي بفضله تم تأسيس أول تجربة وحدة عربية بحكمته الواسعة وبالجهود الجبارة والتلاحم بين حكام الإمارات وإصرارهم على مواصلة المسيرة نحو الغد المشرق أثبتوا للعالم أجمع إن هذا الأتحاد شيد على أرضية صلدة أساسها تلاحم القيادة مع الشعب والاستماع للشعب وتحقيق كل ما يصبوا اليه من رفعة وسؤدد.
وأضافت : إن المغفور له الشيخ زايد بقيادته الحكيمة قدم لبلادنا من العطاءات ما لم يخطر على بال دون أي تمييز في العطاء بين مواطن ومقيم ولا بين الدول في العالم وشعوبها وهو ما اعطى للإمارات
السمعة الطيبة والمكانة العالية لدي كل شعوب العالم ، واليوم نحن جميعا أبناء زايد مواطنين ومقيمين على أرض الإمارات أرض الخير مدينون للعطاء اللامحدود الذي قدمه لنا زايد.
وأشارت الدكتورة غباش إلى أن ضيفة الأمسية الرمضانية للرواق الدكتورة دعاء حاتم هي واحدة من شواهد العصر على تلك الرعاية الراقية التي استظل بها أهل الإمارات والمقيمين على أرضها وهي الرعاية التي أرسى قواعدها الشيخ زايد طيب الله ثراه ، وهي النهج الذي تسير عليه القيادة الرشيدة للإمارات .
وفي حديثها حول تجربتها الحياتية والعلمية والعملية في مواجهة تحدي إعاقة البصر ألقت الدكتورة دعاء حاتم الضوء على بداياتها مع الإعاقة البصرية فقالت : إن ممشكلتها البصرية تصنف ضمن المكفوفين فهذه الحالة بدأت منذ كنت بعمر 6 سنوات حيث بدأ نظري يتناقص بسبب ضعف في شبكية العين وبدأت أستخدام الأجهزة الخاصة بالمكفوفين في القراءة والكتابة إما بقاريء الشاشة أوجهاز الخاص بالمكفوفين وأحيانا المكبرات وأجهزة الشاشة المكبرة على أن تكون عالية جدا بحيث تكون من نصف كلمة الى كلمة.
وذكرت حاتم إن أسرتها مكونة من الوالدين وثلاثة إخوة وأربع أخوات وهي ليست الوحيدة التي تعاني من هذه الأعاقة بل هناك خمسة لهم نفس المشكلة فهناك الدكتور سائد الحاصل على شهادة الدكتوراه في القانون من أكاديمية شرطة دبي ، ومحمد الحاصل على الماجستير بدرجة إمتياز مع مرتبة الشرف في الفقه المقارن ، سيف الدين في قسم الهندسة الكيميائية في جامعة الإمارات ومسجل براءتي أختراع وتم تكريمه من قبل سمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم ،وأختي المهندسة أريج مهندسة أتصالات متخرجة بأمتياز مع مرتبة الشرف .
وروت الدكتورة دعاء حاتم مسيرتها مع مراحل الدراسة فقالت : التحقت في المدارس الحكومية من الصف الأول ولم ألتحق بأي مركز من مراكز ذوي الأحتياجات الخاصة ، وكنت في المدرسة اتعامل مع المواد الدراسية مثل المبصرين دون حذف لأي من هذه المواد التعليمية بسبب حالتي وكنت أعتمد على السمع ذهنيا وعندي المقدرة على حل المسائل الرياضية ذهنيا دون الحاجة الى أستخدام الورقة والقلم وعندي المقدرة على الحفظ ، وقد واجهت تحديات كبيرة عند دخولي المدرسة كوني أول واحدة من فئة المعاقين ولم تكن المدارس أنذاك مهيئة لتوفير الوسائل التي يحتاجها متحدي الأعاقة البصرية.
وأضافت : بالطبع لم أستسلم لهذا الوضع بل بالعكس كنت دائما أبحث عن اتلبدائل والحلول واللي ساعدني على هو دعم الأسرة وبالذات الوالدة وحتى في الإمتحانات واجهت تحديات كونهم يرفضون وضعي في لجان خاصة مع قارئ وكاتب وبالرغم من ذلك كنت متفوقة وبخاصة في المواد العلمية وكنت دائما متفوقة طوال سني دراستي حيث حصلت على المركز الأول على مستوى منطقة أبوظبي التعليمية مؤكدة بذلك تفوقي في الرياضيات من الصف الأول وحتى الثاني عشر كما كنت أحصل على الدرجة النهائية (الكاملة) في الحفظ والتلاوة والتجويد كنت الوحيدة التي تحصل على الدرجة النهائية 20 من 20 وكانت معلمتي تقول لوكان هناك مجال أن اعطيك أعلى من هذه الدرجة لفعلت.
وحول أنشطتها الخاصة قالت دعاء : كنت أحب التعبير وكانت معلمتي تأخذ كتاباتي كنموذج للطالبات، كنت أيضا أمارس نشاطي في الأنشطة اللاصفية وكنت أمارس دور معلم صغير حيث كنت أقدم عروضا تربوية وشروح لحصص والمعلمات يباركن لي هذا العمل كما كنت كنت عضوة في جماعة الهلال الأحمر أشارك في جميع المناسبات والأنشطة التي تقوم بها في يوم البيئة والعيد الوطني وغيرها وكذلك مشاركتي في العمل التطوعي في أسابيع العمل التطوعي وكنت أشارك في المؤتمرات العلمية التي تقيمها الجامعات وبخاصة في الرياضيات حيث كانت المدارس ترشحني لها
وكشفت حاتم عن التحديات التي واجهتها مع بداية المرحلة الجامعية بقولها : كان قراري أن أدخل كلية العلوم قسم الرياضيات كتخصص أساسي والفيزياء كتخصص فرعي وكنت أول حالة من حالات الأعاقة البصرية التي تتقدم للدراسة في كلية علمية على مستوى جامعات الإمارات بشكل عام وعلى مستوى جامعة الإمارات بشكل خاص وكان ممنوعاعلى أي شخص من ذوي الأعاقة البصرية دخول الكليات العلمية وقد أتاني رفض من إدارة الكلية وتحويل إجباري لكلية الشريعة والقانون لكني واصلت التحدي وكلي إصرار على دخول كلية العلوم فأخبروني بشرطهم بأن أخذ مساق الحاسوب وأن أحصل على درجة عالية وبالرغم من أن مساق الحاسوب لم يكن يدرس سوى بالطريقة العامة وبالرغم من ذلك كنت أكيف المساق بطريقتي الخاصة وبالفعل أجتزت الأختبار وحصلت على 96 من 100. ولكن المعاناة لم تتوقف وكانت على شكل رفض بعض الأستاذة قبولي في مساقهم والبعض الأخر يشكك في إمكاناتي أو يمنعوني من المشاركة في المساق وغيرها وبالرغم من ذلك حصلت بعد أربع سنوات على شهادة البكالوريوس بأمتياز مع مرتبة الشرف بمعدل 4/4 وكنت الأولى على دفعتي.وكرمتني الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) حفظها الله ، وحصلت على لقب بصمة تحدي بعد هذا الأنجاز كما أنهم سمحوا لمتحدي الأعاقة البصرية الدخول في التخصص الذي يريدونه في الجامعة .
وواصلت الدكتورة دعاء حديثها قائلة : حققت إنجازات كثيرة خلال مسيرتي هذه منها حصولي على شهادة الأيلتس بدرجة 5.5 وكنت أشرح المساقات لطالبات العلوم المشاركات معي في السكن تطوعا مني وكنت عضوة في النادي حيث كنت أنظم المؤتمرات شاركت في العديد من المسابقات وفيها حصلت إما المركز الأول أو الثاني وأهم الأنجازات كانت حفظي للقرآن الكريم خلال أربعة أشهر، كما أنني خلال هذه المرحلة الجامعية تعلمت كيفية القراءة والكتابة بلغة برايل في العربية والأنجليزية في 3 أيام فقط.
وعن حياتها العملية بعد التخرج قالت دعاء : طلبت أن يكون تدريبي في مركز العين لذوي الإحتياجات الخاصة وبالذات في مكتبة المكفوفين حققت إنجازات عديدة أولها قيامي بكتابة كتبت جميع عناوين الكتب والمؤلفين بطريقة برايل على ورق بلاستيك ألصقته على تلك الكتب لأنه في السابق كان الكفيف يضطر إلى معرفة الكتاب من داخله أما هذه الطريقة فقد سهلت عليه معرفة الكتاب أما الأنجاز الثاني فكان من خلال تحويل 30 كتابا من قصص الأطفال إلى طريقة برايل وكنت الصق كل صفحة برايل فوق صفحة مبصر فأستفاد من هذه الطريقة المكفوفين والمبصرين ثم عملت في مركز أبوظبي للرعاية والتأهيل حيث استلمت ملف أحدى المنتسبات وكانت كفيفة وعندها ضعف أستيعاب وخبروني إنها حالة ميئوس منها فأخبرتهم بأني سأتولى أمرها بطريقتي الخاصة وبالفعل عملت عليها وخلال فترة شهرين اتقنت الطالبة القراءة والكتابة بطريقة برايل وأتقنت التعبير باللغة العربية ومادة الرياضيات في منهج الصف الأول وتعلمت جميع دروس الفصل الأول في شهرين فقط بل وتعلمت كيف تمشي وتذهب الى المرافق بمفردها ودون أي مساعدة .
وعن التحديات التي واجتها في محطتها الكبرى وهي مرحلة الاستعداد لنيل شهادة الدكتوراه قالت دعاء : إن طبيعة التحديات التي واجهتا كانت أكبر وأكثر من المراحل السابقة لكون الأستاذة غير مقتنعين بأن فتاة لديها ضعف بصر وتعد ضمن المكفوفين تريد أن تحصل على الدكتوراه مما سبب لي الكثير من العقبات خصوصا مع ترديد القول بأن من يريد دراسة الدكتوراه في الرياضيات يجب أن يمتلك 5 عيون ، لكنني لم أستسلم وبالفعل أجتزت إمتحانات الكفاءة لاستكمال دراسة الدكتوراه، وكانت دراستي عن “النمذجة الرياضية للتفاعلات بين خلايا السرطان وجهاز المناعة” وكانت فكرة الأطروحة من البداية حتى النهاية فكرتي وكل البرامج التي أحتجتها في دراستي سواء كانت في الرياضيات أو الحاسوب وغيرها تعلمت عليها تعليم ذاتي ولم أستعن بأي شخص كما أن كل التطبيقات كنت أطبقها بمفردي إلى أن أنجزت كل المتطلبات وأعددت العرض التقديمي المكون ببكل مافيه من رسومات ومعادلات وتعليقات و بالرغم من عدم رؤيتي لمحتواياتها ألا أني كنت أشرح محتوى كل منها بحسب المحتويات وبالتفصيل الكامل ليتم تخرجي كأول خريجة من الرياضيات وأول دفعة وأصغر خريجة حيث كان عمري 26 سنة.
وأشارت الدكتورة دعاء إلى إسهاماتها الشخصية خلال فترة دراستها للدكتوراه حيث كانت تساعد طلبة الماجستير في دراستهم في التخصص نفسه باعتبارها المسؤولة عن التدريس للطلبة الجامعيين المكفوفين في قسم الرياضيات والذين قامت من أجلهم بتأسيس مشروع باسم” أرى بعيون أحبتي” استمر لمدة 3 سنوات حيث كونت مجموعة من المتطوعين للقيام بإعادة كتابة الكتب والمصادر الخاصة بكلية الشريعة والقانون بالطريقة المناسبة وفي هذا المشروع تم إنجاز كتاب الأحاديث النبوية الأربعين بطريقة برايل وسلمته الى طالبة كانت تتمنى أن تحصل على مثل هذا الكتاب فحققت لها الأمنية التي فرحت بها.
وعن مشاركاتها العلمية قالت دعاء : قمت حتى الآن بإعداد ونشر سبع أوراق بحثية في مجلات بحثية عالمية وبعض هذه الأوراق عرضتها في مؤتمرات عالمية خاصة بالرياضيات في العين ودبي والشارقة وجامعة السلطان قابوس في عمان وجامعة عين شمس في مصر وفي هذه الجامعة فازت ورقتي البحثية على جميع البحوث المقدمة من الطلبة والأساتذة والباحثين.
وأضافت : شاركت أيضا بورقة بحثية عن لغة برايل المستخدمة في الوطن العربي في ورشة عمل بالسعودية أدارها رئيس مجلس الشورى. وفي هذه الورشة صدر فرار بأنني الوحيدة المتخصصة في الرياضيات الخاصة بين المكفوفين على مستوى الوطن العربي.