نون لايت

حاكم الشارقة يستكمل محاضرة “من هم العرب؟”

 

 

تحدث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وعبر حوار تلفزيوني عرض ظهر اليوم الأربعاء على شاشة الشارقة الفضائية حول “الحرف العربي” ويجيب عن تساؤلات حول كيفية وصوله إلى الجزيرة العربية؟ ومن جاء به؟ ومن أين أتى؟ .

ويأتي هذا الحوار الذي أداره الإعلامي محمد حسن خلف مدير إذاعة وتلفزيون الشارقة استكمالا لمحاضرة صاحب السمو حاكم الشارقة خلال لقاءه الأخير بالإعلاميين والذي نظمه مركز الشارقة الإعلامي ضمن مجلسه الرمضاني، والتي جاءت بعنوان “من هم العرب؟” وبين سموه من خلالها تاريخ العرب وتفاصيل الجنس العربي واللغة العربية وقدم فيها معنى كلمة عرب، وحرصا من صاحب السمو حاكم الشارقة النابع من روح الباحث المؤرخ يأتي هذا الحوار ليوثق لجزئية مهمة من تلك المحاضرة والمتمثلة بمعرفة ماهية “الحرف العربي”.

الحرف العربي

وأوضح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مستهل حديثه بأن الحرف العربي المستخدم في كتابتنا اليوم طرحت حوله العديد من النظريات التي تحدثت عن أصوله ومصادره التي تكون وجاء منها.

نظرية التوقيف

وقال حاكم الشارقة ووفقا لنظرية التوقيف هناك من يقول بأن الحرف العربي قد أنزله الله سبحانه وتعالى، ويستدلون على ذلك من قوله تعالى ” وعلم آدم الأسماء كلها …” (الآية 31 سورة البقرة) ، ويدعون بأن الحرف العربي من بين تلك الأسماء التي تحدى الله عز وجل بها الملائكة بتعليم آدم إياها، وهذا أمر لا يعقل لأنه جل في علاه لو أراد ذلك لوضحه وبينه، فكانت هذه النظرية بعيدة كل البعد عن الواقع .

نظرية المسند

وفيها يقول القاسمي الحرف المسند أي الحرف المدعوم، وله آفاق كثيرة وكان موجود في مكة، لذلك وقبل وصول حرف الجزم – الذي سنتحدث عنه بالتفصيل لاحقا -، كانت أوثان قريش قد خط عليها بحرف المسند .. وقد نشر “ابن النديم” هذا الادعاء في أول الأمر وتبناها من بعده آخرون، وكان ذلك في زمن المأمون في العصر العباسي ،، وتبع ابن النديم في هذه النظرية كتاب آخرون كابن خلدون قديما، وفي العصر الحديث شكيب ارسلان و اليازجي، ولم يكن لهم اطلاع على الحروف بل هم مفكرين .

النظرية الحيرية

وبين صاحب السمو حاكم الشارقة خلال حديثه أن النظرية الحيرية تعود إلى منطقة الحيرة العراقية ذات الصيت والنفوذ في زمن حكم المناذرة حيث كانت عاصمتهم وانتشر فيها الاهتمام بالمعرفة والأدب، وكان فيها المنذر بن ماء السماء الذي استأثر بفطاحلة الشعر العربي قبل الإسلام من أصحاب المعلقات كلبيد بن ربيعة والنابغة الذبياني.

والذين يقولون بهذه النظرية يرون بأنه قريب من حرف النبط الذي كان من إبداع مملكة الأنباط، وهذا الشبه بين الحيري والنبطي يعود إلى أن الملوك في الحيرة كانوا مناذرة أما الشعب فقد كانوا نساطرة وتعني السريان وكتاباتهم آتية من الآرامية والنبطية من الآرامية لذلك نجد الكتابة قريبة من بعضها ومشتركة، وقد أهملت تلك النظرية.

النظرية النبطية

ولربط المواضيع ببعضها استرجع صاحب السمو حاكم الشارقة خلال اللقاء بعض المعلومات التي ذكرها سابقا في محاضرة ” من هم العرب؟ ” حيث قال ذكرت في تلك المحاضرة بأن الحرف كان عند الآراميين وهم أصحاب ثقافة وتجارة ومراسلات، طوروا الحرف عندهم، وتكون أول حرف لديهم، فلما جاورهم الأنباط أخذوا الحرف منهم وربما أجروا تعديلا طفيفا عليه، ولكن كيف جاء ذلك الحرف النبطي إلى الجزيرة العربية؟ ومن أتى به؟ وكثير من الباحثين والمهتمين يغفلون ذلك أو لا يتطرقون له، وأكد سموه أن النظرية النبطية بحثتها الناس في هذا الظرف لإجراء المقارنات ولديهم الكتابات التي تبين مدى قربها لما يتم استخدامه اليوم في كتابة حروف اللغة العربية، وتبين كذلك العلاقة بين الحرف المسند والحرف النبطي.

أشكال الحروف

واستعرض صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي جدولا لتبيان ثلاثة أنواع من الحروف يوضح أشكالها والطريقة التي كان يكتب بها وهي:

الحرف النبطي.

الحرف العربي الجزم.

الحرف المسند، وله فروع:

الحرف المسند الصفوي، وهو المكتشف في حرة الصفا الواقعة إلى جنوب شرق دمشق.

الحرف المسند الثمودي، وهو الظاهر في مدائن صالح على خط شمال الجزيرة العربية.

الحرف المسند اللحياني او الديداني، نسبة إلى مملكة بالقرب من مدائن صالح.

الحرف المسند المتصل، ويتميز بأن بعض حروفه متصلة ببعضها.

الحرف المسند السبأي، وهو نسبة لمملكة سبأ في اليمن.

وقال سموه بأن هناك نوع آخر للمسند وهو الحرف المسند الزبور أو الحميري نسبة للملكة حمير في حضرموت، إلا أن معظم حروفه غير متوفرة ولم تجمع كلها بعد، وقد وجد في نجران بمنطقة عسير، وكذلك وجد في منطقة مليحة بالشارقة حيث كتب على شواهد القبور في مدافن أثرية تعتبر من أهم الاكتشافات، كما أن الحرف المسند الحميري وجد في العديد من أودية اليمن.

ومن خلال جدول اشكال الحروف الذي قام بعرضه صاحب السمو حاكم الشارقة يذكر سموه بأنه ومن خلال ملاحظة تلك الأشكال نرى بأنه لا يوجد أي تشابه في الشكل بين الحرف المسند بكافة فروعه وبين الحرف العربي الجزم، بينما نرى وبشكل واضح أن هناك تقارب وتشابه كبير بين الحرف النبطي والحرف العربي الجزم من حيث الشكل والرسم.

بشر بن عبد الملك الكندي وحرف الجزم

وأضاف سموه // بعد هذا التوضيح نعود مجددا لنجيب عن التساؤل الذي طرحناه ،، من أتى بحرف الجزم القريب في شكله من الحرف النبطي إلى جزيرة العرب؟ يقال أن من جاء به يدعى بشر بن عبد الملك الكندي وهو أول من جلب حرف الجزم إلى مكة، وهو شقيق “الأكيدر” أحد قادة مدينة دومة الجندل وكانت عاصمة مملكة كندة وذلك بين القرنين السادس والسابع الميلادي، أي قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بما يقارب 100 عام //.

وأشار سموه إلى أنهم في مكة قاموا بالربط بين أشكال حرف الجزم بعد أن جاءتهم، وقال بأن هذه الأمر لا بد له من دليل نستدل من خلاله على مدى صحته، وكيف أن الحرف الجديد “الجزم” ازاح الحرف السابق والمتداول “المسند” بكل أشكاله.

وقال سموه في معرض حديثه خلال اللقاء بأن العرب عند استخدامهم لهذا الحرف ربطوا بعض اشكاله ببعضها إما بما يسبقها أو بما يلحقها وتركوا بعضها دون ربط والحرف العربي الجزم هو الحرف الذي دونت به المعلقات وحفظت في بادئ أمرها، وهو ذات الحرف الذي كتب به القرآن الكريم في فترة صدر الإسلام وجميع الكتب التي أنتجت في تلك الفترة، إلى جانب مخاطبات ومراسلات الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الممالك.

واختتم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الحديث حول الحرف العربي بقوله أما التنقيط والتشكيل فكل ذلك جاء متأخرا عن تلك الفترة، مؤكدا بأن ما قدمه اليوم أو ما قدمه خلال محاضرة “من هم العرب؟” ما هو سوى جزء بسيط من بحث كبير يقوم به سموه موثق بالمراجع التاريخية والمتخصصة ويحوي معلومات كثيرة وشاملة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى