هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن بن بُجَير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال وأُمُّها: هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن حمير، وأخوات ميمونة لأبيها وأُمِّها: أمُّ الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث زوج العباس بن عبد المطلب، ولبابة الصغرى عصماء بنت الحارث زوج الوليد بن المغيرة، وهي أمُّ خالد بن الوليد، وكانت تحت أُبَيِّ بن خلف الجهمي فوَلَدَتْ له أَبَانًا وغيره، وعزَّة بنت الحارث التي كانت تحت زياد بن عبد الله بن مالك، فهؤلاء أخوات أمِّ المؤمنين ميمونة لأبٍ وأُمٍّ. أمَّا أخوات ميمونة لأُمِّها: أسماء بنت عُمَيس، كانت تحت جعفر بن أبي طالب فوَلَدَتْ له عبد الله وعونًا.
وكان يقال: أكرمُ أصهار عجوزٍ في الأرض هندُ بنت عوف بن زهير بن الحارث أمُّ ميمونة، وأمُّ أخواتها أصهارها العباس وحمزة ابنا عبد المطلب، الأول على لبابة الكبرى بنت الحارث منها، والثاني على سلمى بنت عميس منها، وجعفر وعلي ابنا أبي طالب كلاهما على أسماء بنت عميس، الأول قبل أبي بكر والثاني بعد أبي بكر، وشداد بن أسامة بن الهادي الليثي على سلمى بنت عميس منها بعد وفاة حمزة بن عبد المطلب، ورسول الله على بنتها زينب بنت خزيمة، ثم بعد وفاتها أختها لأُمِّها ميمونة بنت الحارث[2].
كان للسيِّدة ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- مكانتها بين أُمَّهات المؤمنين؛ فهي أخت أُمِّ الفضل زوجة العباس، وخالة خالد بن الوليد، كما أنها خالة ابن عباس.
ورُوي لها سبعة أحاديث في “الصحيحين”، وانفرد لها البخاري بحديث، ومسلم بخمسة، وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثًا.
ووصفها الرسول وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: “الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ”.
لما تأيَّمت ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- عرضها العباس على النبي في الجُحْفَة، فتزوَّجها رسول الله، وبنى بها بسَرِف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوَّجها رسول الله، وذلك سنة سبع للهجرة (629م) في عمرة القضاء. وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وقد أصدقها العباس عن رسول الله أربعمائة درهم، وكانت قَبْلَه عند أبي رُهْم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد وُدّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي؛ ويقال: إنها التي وَهَبَتْ نفسها للنبي؛ وذلك أن خطبة النبي انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله. فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.
لقد حقَّق النبي بزواجه من السيدة ميمونة -رضي الله عنها- مصلحة عُلْيَا، وهي أنه بهذه المصاهرة لبني هلال كَسَبَ تأييدهم، وتألَّف قلوبهم، وشجعهم على الدخول في الإسلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد وجد النبي منهم العطف الكامل والتأييد المطلق، وأصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقونه طواعيةً واختيارًا.
كانت -رضي الله عنها- آخر امرأة تزوَّجها رسول الله قال ابن هشام: وكانت جَعَلَتْ أمرها إلى أختها أمِّ الفضل، فجعلتْ أمُّ الفضل أمرها إلى زوجها العباس، فزوَّجها رسولَ الله، وأصدقها عنه أربعمائة درهم[10]. ويُقال: إنها هي التي وَهَبَتْ نفسها للنبي، وأنزل الله تعالى فيها: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50]. لما انتهت إليها خطبة رسول الله لها وهي راكبة بعيرًا قالت: الجمل وما عليه لرسول الله.
روت عن رسول الله، وروى عنها: إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس، ومولاها سليمان بن يسار، وعبد الله بن سليط، وابن أختها عبد الله بن شداد بن الهاد، وابن أختها عبد الله بن عباس، وابن أخيها عبد الرحمن بن السائب الهلالي، وغيرهم.
وفاة ميمونة بنت الحارث
وقد تُوُفِّيَتْ رضي الله عنها بسَرِف بين مكة والمدينة، حيث بنى بها رسول الله، وذلك سنة 51هـ/ 671م، أكَّد ذلك ابن حجر وغيره، وكان لها يوم تُوُفِّيَتْ ثمانون أو إحدى وثمانون سنة.
0 2 دقائق