هل تستطيع هيلاري كلينتون أن تغير من مسار السياسة الخارجية لإدارة أوباما، لو أنها فازت بالرئاسة؟
قبل الخوض في طبيعة الشخصيتين، هناك ما يشير إلى أن العلاقة بينهما وهي وزيرة للخارجية، لم تكن وثيقة بالدرجة التي تتطلبها علاقة من يشغل هذا المنصب بالرئيس. فهي كانت تجد صعوبة في التواجد داخل الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس.
ويقول الكاتب مارك لاندر في كتابه الجديد: «هيلاري كلينتون وباراك أوباما: والصراع على قوة أمريكا»، إن بعض المرافقين لهيلاري من مسؤولي البيت الأبيض، في طائرتها، أثناء مهامها الخارجية، كان ينظر إليهم أحياناً على أنهم يتجسسون عليها.
وبالنظر إلى مسألة الاختلاف السياسي بينهما، فمنذ تركها منصبها في عام 2013، كانت تضع نفسها في موقف يتجه إلى اليمين من مواقف أوباما في الشؤون الخارجية. وكانت تعتقد أن دور أمريكا يحتاج أحياناً إلى استعادة لغة جورج بوش، فيما يتعلق بأي منطقة، كان يراها مصدر الشرور. ومع ذلك فإن كليهما كان مؤمنا بقوة أمريكا ومكانتها المهيمنة على العالم، ومعنى ذلك عدم وجود خلاف عميق في رؤية كل منهما للسياسة الخارجية.
وبالنسبة للشرق الأوسط، فقد أشارت هيلاري في كتابها «خيارات صعبة»، الصادر عام 2014، أنها اختلفت مع إدارة أوباما في عام 2006، في أنها تعارض مطالبة ««إسرائيل»» بتجميد المستوطنات.
وإذا كانت هي قد عارضت لفظيا، فإن أوباما كان قد طوى صفحة معارضته للمستوطنات من قبلها بوقت طويل، واكتفى بالصمت إزاء توسع «إسرائيل» في بناء المستوطنات، أي أن الخلاف يبقى خلافاً نظرياً، ليس له من نتيجة على أرض الواقع.
وهذه القضية تبقى دائماً محل هروب من رؤساء أمريكا على اختلافهم، خشية إثارة غضب «إسرائيل»، وأنصارها من القوى اليهودية الأمريكية، التي تلعب دوراً في مساندة مرشح أو آخر للرئاسة.. لهذا فإن تأمل ما قالته هيلاري كلينتون عن وجود خلافات سياسية بينها وبين أوباما، وأن هذا أمر وارد في مواقف أي اثنين، هو قول لا يوحي بتغيير حقيقي لكنه اللعب بلغة الدبلوماسية.
ويذكر مارك لاندر أيضاً في كتابه أن أي خلاف بين الاثنين، تجاه قضايا المنطقة، مثل سوريا، وإيران، والصين، هو في حقيقته خلاف حول التكتيك والأساليب، وليس خلافاً جوهرياً بأي حال. وأن الاثنين يبحران في زورق واحد للسياسة الخارجية.
إن أوباما في ختام فترة رئاسته قد أعاد التأكيد أن هناك حدوداً لنفوذ أمريكا في الشرق الأوسط، وأنه ينبغي أن ينظروا إلى الولايات المتحدة كشريك، أكثر من كونها تملك التحكم في النظام العالمي.
هذه العبارات هي إعادة صياغة لما كان قد وصف بمبدأ أوباما للسياسة الخارجية، والذي كان قد حدده بنفسه بقوله إن أمريكا لم تعد تستطيع أن تتصدى وحدها للتحديات لأمنها القومي، أو أن تحل منفردة الأزمات الإقليمية، وأنها تحتاج الى شركاء يتعاونون معها.
وهذان البيانان – مبدأ أوباما، ثم تصريحه الأخير، يعكسان بشكل واضح المسار الذي اتخذته إدارة أوباما بالفعل تجاه الشرق الأوسط، والذي تضمن تغييرا، في تحمل أمريكا التزاماتها التقليدية تجاه دول المنطقة، وما تواجهه من تدخلات خارجية في شؤونها وشؤون المنطقة.
من ثم فالسؤال المطروح في الولايات المتحدة الآن، هو عن مدى التغيير في سياسة هيلاري كلينتون في المنطقة لو أنها فازت بالرئاسة؟.. وأن ما يطرحون هذا السؤال يكتفون به، ولا يتوقعون تغييراً حقيقياً.