هي ليست صرعة من صرعات الموضة، ولكنها استفتاءات، تحدد نتائجها مصائر أمم ومناطق وقارات، وترتبط بحياة بشر، هي ليست «بنطلون جينز» يلبسه من يريد أن يضفي على نفسه صفة التحضر والتقدم والعصرية، ليست تقليداً أعمى.
بريطانيا عاشت صراعاً سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكرياً حتى أقدمت على خطوة الاستفتاء، وبريطانيا اليوم تعيش حالة من عدم الاتزان لا تحسد عليها، فقد «ذهبت السكرة وجاءت الفكرة»، تساؤلات وتساؤلات تدور في أذهان البريطانيين، دون إجابات، فالرؤية ضبابية أمامهم، والعالم يترقب وهو خائف، والأوضاع الدولية لا تحتمل هزة اقتصادية شاملة، لأنها ستكون مدمرة، وأثار هزة 2008 ما زالت قائمة، لم يتعاف الاقتصاد العالمي منها بعد، وضحاياها ما زالوا يعانون.
أحد سكان لندن افتتح حسابا في مواقع التواصل طالباً 30 ألف توقيع على عريضة ستقدم إلى عمدة المدينة، والعريضة تدعو إلى استفتاء على بقاء لندن ضمن الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني انفصالها عن بريطانيا، ورغم أنها فكرة مجنونة، ومطلقها ربما «فاضي» أو مختل، إلا أنها جمعت في اليوم الأول ثمانية آلاف توقيع !!
وفي كاليفورنيا، الولاية الأكبر من عشرات الدول المستقلة، العضو في الولايات المتحدة الأميركية، خرج رجل اسمه «لويس مارينيلي» بفكرة استقلالها، ويأمل بأن يقنع سكانها حتى 2020 بإجراء استفتاء مشابه لاستفتاء بريطانيا، ولا تستبعدوا صدور تصريحات وبيانات من أفراد ومنظمات تؤيد الفكرة بل وترصد لها الميزانيات وتشكل فرق عمل، فالأميركان يحبون تقليد الإنجليز.
هي «هلوسة» وقمتها لم تكن في لندن وكاليفورنيا، بل عندنا، أي والله، أنها عندنا، وفي «ساحة الوغى» حيث معارك «الهبلان»، والجعجعة دون «طحين» أو خبز أو عقل، هناك «تناطح» بالتغريدات على «تويتر» بعد أن طرح أحدهم فكرة إجراء استفتاء حول مجلس التعاون الخليجي، وشتان ما بين نظام مجلس التعاون ووضع الدول الأعضاء به، ونظام الاتحاد الأوروبي ووضع دوله.
ولكن ماذا نقول للجهل ؟!