نون والقلم

بريطانيا كانت عظمى

بريطانيا لن تعود كما كانت قبل دخولها إلى الاتحاد الأوروبي، فما راكمته السنون، لا يمكن إزالته بالرغبات الطارئة، هناك استحقاقات متشابكة ومتداخلة، أنتجت تعقيدات لا تفك بسهولة، وهناك مصالح لأفراد ومؤسسات وحكومات، وهناك قوانين كانت سارية، وقوانين ستصبح لاغية، وقوانين سترتب شروطاً جديدة، وهناك أضرار ستحطم أمنيات وأحلاماً، وستنهار من وقعها إمبراطوريات مالية.

بريطانيا العظمى، لن تعود إلى عظمتها، فذاك الزمان ولى، والمعدلات تغيرت، وليس أمام البريطانيين سوى الدعاء بأن تبقى بلادهم متحدة، فمن استن سنة، يتحمل نتائجها، ومن خرجوا من الاتحاد الأوروبي، لديهم استعداد للخروج من «الاتحاد البريطاني»، وما قالته رئيسة وزراء إسكتلندا، ليس مزحة أو ردة فعل، فأهل السياسة يعرفون متى يتكلمون، وكذلك ما قاله الإيرلنديون الشماليون، فقد تحدثوا عن مصلحة وطنية في البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني الخروج من تحت عباءة بريطانيا.

من تابع التصويت والنتائج فجر الجمعة، يستطيع أن يتوقع بعض القادم، والأيام حبلي بالمفاجآت، فقد كان جلياً أن غالبية أبناء إسكتلندا كانوا ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وغالبية أبناء إيرلندا الشمالية صوتوا مع البقاء في الاتحاد، وهم مستاؤون من النتيجة، وهذا يعني أنهم لن يسكتوا، وسيعيدون طرح الاستفتاء علي البقاء ضمن المملكة المتحدة، فإن حدث هذا، وهو شبه مؤكد، ستكون النتائج محسومة، وكلنا نتذكر الاستفتاء الإسكتلندي في العام قبل الماضي، فقد فاز المؤيدون للبقاء ضمن بريطانيا بنسبة ضئيلة، وهي نسبة يبدو أنها ذابت في تصويت الجمعة الفائتة.

ومع بريطانيا التي لن تكون هي، الاتحاد الأوروبي لن يكون هو نفسه بعد زلزال 23 يونيو 2016، أوروبا كلها لن تكون كما كانت، والعالم الذي يتعرض لارتدادات وتوابع ذلك الزلازل، لن يكون هو العالم الذي كان يتعامل مع أوروبا وبريطانيا.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى