نون والقلم

حتى المعارضة… «غش وسوء فهم»!

في الدول المنظمة سياسياً حيث تتوافر الأحزاب، تجد نواب كل حزب ملتزمين رؤية وأهداف التنظيم. وفي دولتنا يختلف الوضع وقد نكون غير مهيئين لإشهار الأحزاب و«مبسوطين» في تكوين الكتل والتكتلات وفوق هذا «مو سالمين»!

في الدول المنظمة سياسياً، مفهوم المعارضة يختلف شكلاً ومضموناً٬ وهم في الغالب يعارضون التوجهات الحكومية المخالفة لأهداف أحزابهم والقوانين المعمول بها، وإن كانت تصب في مصلحة أوطانهم في بعض الأحيان، لكنها تبقى عملية ممارسة للديموقراطية تختلف من بلد وآخر، حسب التركيبة الثقافية للمجتمع و«ما كل مجتهد مصيب».

عندنا في الكويت، يظن البعض ان المعارضة تعني معارضة الحكومة في الشاردة والواردة، وإنها مجموعة «فوضوية» تبحث عن اختلاق المشاكل و«الصراخ» وتبحث عن البطولات، ولهذا السبب نجد حتى المعارضة فيها «غش وسوء فهم»… كيف؟

يعتقد البعض ان من يكتب ضد منهج خطأ، هو معارض «فوضوي»، وهو عكس هذا المفهوم.

المعارضة، حسب ما توصلت له مفاهيم القيادة الأخلاقية الممكن تطبيقها على الممارسة الديموقراطية٬ إنها المعارضة الإيجابية الصحية حيث لا «غش وسوء فهم». فمن يعرض وجهة نظره ناصحاً أحبتنا النواب والوزراء ومن له علاقة بمتخذي القرار في مختلف مؤسسات المجتمع، إنما هو يمثل المعارضة المتزنة، وهي التي نبحث عنها.

من يبحث عن سكب الزيت على النار بقصد إيقاع الضرر بالمجتمع وفئاته وإثارة البغضاء بين الجموع وإتخاذ علو الصوت سلوكاً، من وجهة نظري غير مرغوب فيه.

حتى كتلة المعارضة٬ إن جاز تسميتها محلياً بذلك٬ لوحظ اختراقها وتجاوزها الأعراف والتقاليد، مع العلم أن كثيراً ممن ينتسب إليها أو يؤيد بعض أهدافها الإصلاحية يدعو إلى الإصلاح، لكن تقف الأيدولوجية المدمرة اجتماعية التي تعتمد على سوء الفهم والغش والتدليس في العرض صورها بالسلبية التي ينظر لها البعض من نافذته الضيقة.

إن كنا نريد فهم المعارضة الصحية٬ فعلينا في بداية الأمر فهم الرؤية التي تتخذ منها الكتلة المعارضة خطا لها٬ وأن يعرف تاريخ كل عضو ينضم إليها من ناحية حسن السيرة والسلوك والنزاهة… وكما هو معلوم لا تستقيم الممارسة الديموقراطية بلا معارضة لكن علينا أن نحدد ما نريد بالضبط.

المعارضة التي نبحث عنها تتمثل في إنشاء تكوين جديد٬ يجب أن تكون مبنية على رؤية خاصة بالإصلاح الذي يبدأ من إصلاح ثقافة المجتمع٬ وإصلاح أي خطأ في القرارات وفقا لنصوص مواد دستورية ومن ضمنها حماية المال العام٬ تطوير الرعاية الصحية الخدماتية التعليمية ومروراً بإصلاح الاقتصاد وسبل تعزيزه لضمان حالة الرخاء التي نص عليها الدستور أيضا.

لا بأس من صياغة ميثاق شرف بين الحكومة ومجلس الأمة ينص على وجوب تتبع الأدوات الدستورية، من سؤال برلماني واستجواب وطريقة اقتراح المراسيم بقوانين مبنية على دراسات علمية والالتزام باللائحة الداخلية سلوكياً.

ولا بأس من الإشادة بالحكومة عند تفاعلها مع متطلبات الشارع الكويتي٬ فأعضاء الحكومة هم إخوة لنا ونحن معهم في الصح وناصحين لهم عند وقوعها بالخطأ.

مشكلتنا تبقى في طريقة تكوين الكتل الإصلاحية… لا أقصد هنا «كتل المعارضة» وإن كنت على ثقة كبيرة بأن كثيراً من أعضائها على درجة عالية من الفهم بالمعطيات وضد النهج الفوضوي وإن صور البعض مداخلاتهم حسب الارتياح الشخصي بأنهم خلاف ذلك.

مختصر القول٬ نحن في رمضان ونتمنى من الجميع أن يحسن الظن وألا يسيء الفهم ولا يقبل الغش والتدليس، ولعل وعسى أن نفهم من دروس الأمس القريب ونخرج بكتل جديدة يتم اختيار أعضائها بعناية فائقة وأن تحدد الرؤية والأهداف وإستراتيجيات العمل الخاصة بها وفق إطار أخلاقي يفهم ماذا يقصد بـ «فن الممكن» أخلاقيا… والله المستعان.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى