نتذكره في كل لحظة، مثله لا يغيب عن البال، ورحيله عن دنيانا زاده حضوراً بيننا، نفتقده، نعم، ونحزن على فراقه، فهو الأب، وهو القائد، وهو القلب الكبير الذي جمع ووحد وحمل الراية.
بعد يومين تحل الذكرى الثانية عشرة لرحيل زايد الخير، ونحن نحتفل بهذه الذكرى، على طريقتنا التي اكتسبناها منه، فهذا اليوم، التاسع عشر من رمضان، ليس يوم نحيب وبكاء، وليس يوم حسرة، بل يوم عمل، وأي عمل غير الذي عودنا عليه زايد، يوم عمل إنساني، يتسابق فيه الجميع للتعبير عن حبهم لوالدهم، لباني نهضتهم، وواضع أساس شخصيتهم، سبحان الله، في هذه الأرض تجد كل الطبائع الرائعة التي تحلى بها رحمه الله وقد التصقت بالناس، حبه للأرض رأيناها في ملحمة التنمية والفداء طوال العام الفائت، يده البيضاء مازال أبناؤه يمدونها لتمسح دمعة عن وجه طفل، في مخيم لاجئين أو فوق أنقاض بيت مهدم، وحنانه مازال هناك من يرتوي بفيضه، ويصل بصمت إلى مريض يتألم، أو جائع يتلوى، أو يتيم يفتقد الأم والأب.
في يوم رحيله ينشر الفرح، فنحن لا نلطم الوجوه بكاء، بل نمسح الأحزان من فوق كل الوجوه المحتاجة، نزرع الخير، ونحصد الأمل، ننشر فضائل علمنا إياها وكم هي كثيرة، وكم هي كبيرة، فضائل زايد هي التي أوصلتنا بعد سنين من رحيله إلى المرتبة الأولى في العالم عطاء ومساعدة وإغاثة.
حكاية الطالبة السورية هاجر مثال حي، في تفاصيلها نرى ما رسخ زايد بيننا، لم يتردد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وهو نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي في الاتصال بها، ليبارك لها حصولها على المرتبة الأولى على مستوى الدولة، ولم ينتظر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حتى يحقق أمنيتها بدراسة الطب، وتسمع «أم الإمارات» رفيقة درب زايد، صاحبة القلب الكبير، سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، تسمع عن مرض والد ووالدة الطالبة، فتتكفل بعلاجهما.
هي حكاية تختصر حياة وطن بناه زايد، وأكمل المسيرة من بعده خليفة وإخوانه وشعبه، حياة تقوم على المحبة والعطاء، ولهذا نحن حولنا يوم رحيل قائدنا إلى يوم عمل إنساني، يوم دعاء مستجاب بإذنه تعالى في كل رمضان.