في الصوم منافع كثيرة، فهو وقاية للمسلم من شر نفسه، ووقاية للمجتمع من شرور النفس، لأن الصائم الحق الذي يصوم رمضان إيمانًا واحتسابًا، ويترك الشحناء والبغضاء والغيبة والنميمة وسوؤ الاخلاق، يكون بصومه في وقاية من الوقوع في المعاصي، ووقاية من النار، وهو بذلك يحقق معنى التقوى التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في فريضة الصيام حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وهكذا تجتمع التقوى مع المغفرة لعباد الهل الصائمين فيستعدون ويتهيئون لها في قوله سبحانه وتعالى لعلكم تتقون.
وإذا كبَح الصوم المعاصي نال العبد منزلة راقية في العبودية لله؛ لأنَّ الصوم الذي يراد به مجرد الإمساك عن الطعام والشراب يستطيعه كثير من الناس، إلا أنَّه سبحانه أراد من عباده أن يكون صومهم منقيًا لهم من المعاصي وما دار في فلكها، لذلك وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصوم فقال: “الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم -مرتين-، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها ” وفي لفظ لأحمد: ” جنة وحصن حصين من النار”.
وقد ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني أنَّ العلماء: “اتفقوا أنَّ المراد بالصيام صيام من سلم صيامه من المعاصي قولًا وفعلًا”، وقال كذلك: “الجنة الوقاية والستر، وقد تبين بهذه الروايات متعلق هذا الستر وأنه من النار.
وقال الإمام القرطبي: “جنة” أي سترة، يعني بحسب مشروعيته، فينبغي للصائم أن يصونه مما يفسده وينقص ثوابه، ثم عقب قائلا: “ويصح أنه يراد أنه سترة بحسب فائدته، وهو إضعاف شهوات النفس، وإليه الإشارة بقوله: ” يدع شهوته”.
إذا فالصوم هو نقطة تحول للمسلم ووقاية له من سوء الخلق والأحقاد والغل وسوء الطوية وسوء معاشرة الناس والأهل، وفرصة للخروج من كبر النفس، وتعالي بعضنا على بعض، وتقطيع الأرحام، والسعي في الأرض فسادا، وهو وقاية من فحش اللسان والكذب والخيانة والغيبة والنميمة وغيرها من الأخلاق السيئة.
46 دقيقة واحدة