البغدادي وبن لادن والظواهري والزرقاوي، ليسوا سوى عينات صغيرة لأسماء ظهرت بعيداً عن بلاد العرب والمسلمين.
هم حلموا بأنهم قادرون على تغيير محيطهم، وتخيلوا عروشاً تبنى لهم، أحدهم أصبح خليفة، وأسس دولة فوق الرمال، والآخر ظن أن الجبال مانعة عصية، منها يستطيع أن يحقق أحلام طفولته.
مات بعضهم، وماتت معهم أحلامهم، والبعض الآخر ينتظر الفصل الأخير من أوهامه، زالوا، ولكنهم خلفوا وراءهم دماراً وأنهاراً من الدماء، وسنحتاج إلى سنين وسنين حتى نجمع ما تطاير من أشلاء، ونعيد الذين تاهوا في الأرجاء.
ومع ذلك، مع كل ما خلفه بيننا أصحاب القلوب القاسية والفكر المنحرف، لا يمكن أن تقارن بينهم مجتمعين، وبين فعل رجل أوروبي واحد، اسمه أدولف هتلر، الرجل الذي حلم ذات يوم، أنه قادر على حكم العالم، فقرر أن يحقق حلمه، في هذا العصر، وليس في العصر الحجري، قبل 75 سنة، وليس سبعة آلاف، بعد عصور الظلام، في زمن الكهرباء والسيارة والطيارة، وتحت ظلال رواد الفلسفة والثقافة والحضارة، وبمساعدة الراديو والكاميرا ودور السينما، لم يخرج من غابة، بل جاء ببدلة وربطة عنق، سيفه صاروخ، وحصانه دبابة.
هتلر، تسبب في أكبر مذابح التاريخ، ضحايا حربه وحلمه كانوا قرابة 60 مليون نفس بشرية، ومع ذلك، كان يفتخر بأنه ينتمي إلى العرق الآري الأنقى على وجه البسيطة، هو زعيم، وهو يقرر من الأنقى ومن الأدنى، ومن يستحق الحياة، ومن يجب أن يموت، ويفتخر أيضاً بأنه متدين، ملتزم بمذهبه الذي يجب أن يسود، وهو ألماني، وألمانيا فوق الجميع، فقتل الناس حسب الهوية الوطنية، وقتل الناس حسب الانتماء الديني، وقتل الناس حسب اللون والعرق واللغة!!
هتلر، غير وجه أوروبا والعالم، قضى على الروابط الاجتماعية، وخلف أجيالاً من الأيتام والأرامل والمشردين، وانهارت كل القواعد الأخلاقية في أوروبا، فقط، لأنه عاش حلماً من أحلام المجانين.