قاتل النائبة البريطانية جو كوكس متطرف، ينتمي إلى تنظيم أميركي عنصري، هو من النازيين الجدد، وعضو في التحالف الوطني، وفي لحظة تحول التطرف إلى فعل إرهابي، في الشارع، وعلى مرأى من الملأ، ودون خوف أو تردد، طعن النائبة ثم أطلق الرصاص عليها.
التطرف في الغرب له تاريخ طويل، حديثاً وقديماً، وله امتدادات تجاوزت أوروبا فشملت كل العالم، تطرف ديني، وتطرف عرقي، وتطرف قبلي، كل الأنواع والأشكال جربوها، ثم صدروها إلينا، ومن يستغرب كلمة القبلية عليه مراجعة التاريخ، فهؤلاء كانوا «ينتخون» ذات يوم، وكان فيهم من يعتقدون أن دماءهم لها لون مختلف عن دماء بقية الأجناس، وهم أكثر من أشاعوا العنصرية، وفرزوا المجتمعات، وصنعوا المراتب والدرجات، كانت لديهم قبائل ومناطق لا تنتج غير العبيد، ووضعوا تصنيفات وعلامات لترسيخ عادات تميز فئات على فئات.
التطرف ليس اختراعاً داعشياً، وليس بدعة إسلامية، فالذين أسسوا التيار القومي الأبيض في الولايات المتحدة ماتوا قبل داعش والقاعدة، والذين وضعوا الأفارقة خلف الأسلاك الشائكة في بلادهم، كانوا حتى قبل 20 عاماً رمزاً للعرق الأوروبي المتفرد، ومن قادوا التفرقة بين البيض وكل أصحاب البشرات الداكنة في الولايات المتحدة حتى بداية السبعينات كانوا يحملون تراثاً فكرياً غربياً، وكذلك الصهاينة الذين استوطنوا فلسطين على حساب أهلها جاؤوا من بلاد الغرب.
التحالف القومي الأبيض، و«كو كلان كلوكس» وجه مشابه لداعش، هذا تطرف وذاك تطرف، هذا إرهاب وذاك إرهاب، وحرب أيرلندا التي استمرت حتى سنوات قليلة كانت دينية مذهبية، وفرق الموت في «الألوية الحمراء» الإيطالية كانت إرهابية، و«بادر ماينهوف» الألمانية متطرفة، ومنظمات «الباسك» الإسبانية طائفية، كلها كانت خاضعة لقوانين التمييز الناتجة عن الصراع العرقي والمذهبي والطائفي والقبلي، ومن يريد أن يحارب الإرهاب عليه أن يتخلص من ذلك الفكر العنصري، ولا يسند تصرفات فئات خارجة لدين عظيم.