يقول الفقهاء انه يجوز للصائم أن يقبل زوجته ويباشرها من ضم ونحوه إذا كان يملك شهوته ولا يخشى أن يحصل له إنزال من جراء ذلك لحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه). أي لشهوته. وعن عمر بن أبي سلمه: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيقبل الصائم فقال: (سل هذه لأم سلمه فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني أتقاكم لله وأخشاكم له). رواه مسلم.
أما إذا كانت شهوته قوية ولا يستطيع أن يتحكم بها ويوقن أو يغلب على ظنه حصول الإنزال أو يؤدي به ذلك إلى الجماع فيحرم عليه ذلك ولا يسوغ له شرعا فعله. وقد قيد بعض الفقهاء الرخصة بالشيخ دون الشاب واستدلوا بحديث ورد في أبي داود عن أبي هريرة: (أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فنهاه. فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب). ولكنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به وروي التفريق أيضا بين الشاب والشيخ عن بعض الصحابة كابن عباس وغيره والأحسن أن تقيد الرخصة بقوة النفس والقدرة على ضبط الشهوة وهذا يختلف بحسب اختلاف طبائع الرجال وإن كان السن له تأثير غالبا فالرجل الكبير يضبط شهوته أكثر من الشاب الصغير لكن هذا لا ينضبط وقد يوجد الشيخ الذي لا يملك نفسه والعكس ولذلك كان تقييد حكم الجواز بمن يملك شهوته أحسن دون النظر إلى سنه.
وينبغي للصائم أن يبتعد عن كل ما يخدش صومه وينقص ثوابه ويكون سببا في فساد صومه وأن يحتاط لعبادته ويحرص على أداء الصوم على الوجه الذي يرضي الرب عن العبد. وإن تيسر له تأجيل فعل ما اختلف الفقهاء في كونه مفطرا إلى الليل وقت فطره كان أحسن وأبرأ لذمته وأحوط لدينه وقد كان السلف الصالح يلزمون المساجد يبالغون في حفظ صومهم،والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.