بعد نكسة 67م، لم يجد العرب ملاذا لآلامهم، وتخفيف قسوة ما حدث من هزيمة مرة في مصر العروبة، غير الرياض، فالتأم مؤتمر الخرطوم 1968، ليعقد مصالحة تاريخية بين الملك فيصل وعبدالناصر رحمهما الله.
شكلت المصالحة مرحلة جديدة في التاريخ العربي الحديث، حين أوقفت طموحات التغيير بالقوة، التي تبناها المد الثوري الذي اجتاح الدول العربية، إذ فرقت الحركات الثورية بين العرب، ودفعت بالثوريين للانقلابات، نجح بعضها وأخفق بعضها الآخر.
في المقابل التزمت السعودية وبقية الدول الغنية بدعم الاقتصاد المصري والسوري والأردني، إضافة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ودعم ومساندة الجيوش العربية لاسترداد الأراضي العربية المحتلة.
في العام 1973، ومع اندفاع المصريين والسوريين لتحرير سيناء والجولان المحتلتين، كانت شركة الزيت العربية التابعة للسعودية تغلق أنابيب النفط عن الاقتصاد الغربي، وتوقف لقمة عيشها للضغط على الغرب، ودفعه للتوقف عن مد إسرائيل بالسلاح ودعمها في المحافل الدولية.
بعد سبع سنوات تقريبا، في العام 1980 تحديدا، وإثر المناوشات العراقية الإيرانية، كانت الرياض ترابط على أبواب بغداد، بعد أن استحالت لحرب ضروس، تمد العراق بالسلاح والمال، استمر ذلك الدعم لثماني سنوات، أثقل كاهل السعوديين لكنه موقف الأخوة الذي لا فرار منه.
تزامن ذلك مع التدخل الروسي في أفغانستان 1978، وهو ما دفع بالسعودية حامية الحرمين للاصطفاف مع الشعب الأفغاني المسلم، لم يكن ذلك المجهود المالي والاستخباراتي قليلا على اقتصاد ناشئ، لكنه لم يمنعها من إكمال واجبها.
ما كادت السعودية تنتهي من تلك الالتزامات، حتى بادر العراق باحتلال جارته الكويت العام 1990، لم يجد الملك فهد – رحمه الله – بدا من تسخير كافة الإمكانات للدفاع عن وطنه وتحرير الكويت، وهو ما تحقق لكن بكلفة عالية.
العام 2003 أسرعت الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال العراق بعد خلاف طويل واتهامات مزورة، لم تقف السعودية دون رفض العمل الحربي، وتحذير الأمريكيين من تبعات الاحتلال، منددة بحل الجيش العراقي، ومؤكدة أن ذلك خطأ جسيم سيدمر المنطقة كلها، وهو ما حصل فعلا.
في 15 مارس 2011 استجابت السعودية لطلب بحريني، وهي الشقيقة الغالية في عنقود دول الخليج، للوقوف ضد فتنة وانقلاب على الشرعية قادتها المعارضة البحرينية بالتعاون مع إيران، خلال ساعات استطاعت المملكة إجهاض تدمير البحرين وتحويلها لولاية إيرانية.
في اليمن الخاصرة السعودية الجنوبية، رفضت الرياض أن تتحول صنعاء رحم العروبة، وحضنها القديم لمعسكر إيراني، وأن تغير لسانها الأصيل ليصبح فارسيا صرفا، فشنت بتحالف من عشر دول حربا لتحرير صنعاء من احتلال المليشيا الحوثية، هي هكذا الرياض كما قدرها مركز السياسة، ويمامة السلام.