قالَ علماء أمريكيُّون انتهوا من إعداد كتاب «أطلس» عن مشكلة التلوّث الضوئي إنَّ ثلث سكان العالم لا يرون النجوم، وإن 4 من كل 5 أشخاص على كوكب الأرض منهم 99% من سكان الولايات المتحدة، وأوروبا لا يمكنهم رؤية «درب التبانة»!
ولقد كان يمكن أن تفرح أمّة العرب كثيرًا بأنَّها ترى النجوم، لولا أنَّها في الحقيقة تراها في عزِّ الظهر من هول وفظاعة وحقارة ما يجري في سوريا، وفي العراق، وفي ليبيا تحديدًا فضلاً عن أماكن أخرى يرى فيها العرب النجوم في نفس الوقت -عزِّ الظهر-!
والحاصل أنَّنا كنَّا نبكي في السابق على أحجار فلسطين، قبل أن نبكي على جدران بغداد، ثم أسوار حطين! كنَّا نبكي على شهيد أو شهيدة في الرملة، وفي الخليل قبل أن نصحو وننام في حلب، وفي الرقة، وفي الفلوجة، وفي الموصل، وفي سرت وبنغازي على ألف قتيل!
مات النخل العربي على شط النخل، ولم يعد بردى مصدرًا للإلهام كما كان.. لم نعد نعرف هل نبكي على شط النيل، أم على شط الفرات، بعد أن أصبح الهم يفرض نفسه فوق كل الكلمات! النجوم المنيرة غابت؛ لأنَّها لم تعد تستطيب الخمول البليد.. والطيور البهيَّة فرَّت؛ لأنَّها لم تعد تستطيب انكسار العناقيد!
نيل مهموم ومشغول بنفسه، أو بحبسه.. مغتم، وفرات مملوء بالدم، وليل عربي معتم! الفتى العربي الحر ألجم، والقلم العالم والعارف بالحق تلعثم!
تنتشر فضاءات الإثم في كل مكان لتروج لجدوى تفتيت الأوطان، وروعة تقسيم الأوطان، وضرورة تفخيخ الأوطان! وجوه عربية لا ماء عندها ولا دم، ورؤوس فارغة تهذي طول الليل، وأبواق ترطن!
عدت لأبحث عن «درب التبانة» الذي يبكي الأمريكيّون والأوروبيون على فراقه، فوجدت أنَّ التسمية عربية الأصل حيث جاءت من تشبيه العرب لما يسقط من «التبن» الذي كانت تحمله مواشيهم، وكان يظهر أثره على الأرض، كأذرع ملتوية تشبه أذرع المجرَّة! وتقول الموسوعة الحرَّة إنه يكون لامعًا في القسم الأرضي الذي يحيط بكوكبة «الدجاجة».. والواضح أن بعضنا، بل جلنا مازال متمسكًا بجوار أو مجاورة هذا الكوكب.. حيث لا يصحو الوطن عندهم تمامًا ولا يرقد.. وحيث يظل مصرًّا على أن يبقى وجلاً مرتعدًا يترقَّب! وحيث يظل الإنسان فيه منتظرًا للسجن، أو للحرق، أو للذبح، أو للصلب!