في الوقت الذي تراجعت فيه أهمية اجتماعات الأوبك عما كانت عليه قبل سنوات تم الإعلان عن قيام صندوق الاستثمارات العامة عن استثمار 3 مليارات ونصف المليار دولار أمريكي في شركة أوبر التي تقدم خدمات النقل الخاص للركاب في مختلف أنحاء العالم عبر تطبيقها الإلكتروني الذكي، وهو الخبر الذي يحمل إشارة حول بداية خطة المملكة لتنويع مصادر دخلها وتجديد شكل استثماراتها الخارجية.
وبعيدا عن حسابات الخسائر والأرباح فإن الصورة الخلفية لهذا الخبر تقدم لنا ملامح الاقتصاد الجديد الذي سوف يقود العالم في الفترة القادمة فحقل النفط الذي كان كنزا من الذهب المحفوظ في باطن الأرض أصبح مساويا في قيمته لتطبيق إلكتروني طارئ، ولأن عالم التطبيقات الإلكترونية متغير ومتشعب ومتنوع فقد يكون الاستثمار الأفضل بالنسبة لنا في المرحلة القادمة هو ذاك الذي يركز على العقول والمواهب التي تبتكر مثل هذه التطبيقات، خصوصا أن كل أحاديثنا التركيز على تقنية المعلومات لم تتخط أبواب الندوات المغلقة ولم تتجاوز عناوين الصحف.
خلاصة الكلام.. نحن أمة شابة يقضي شبابها من الجنسين أغلب وقتهم أمام أجهزة الكمبيوتر والجوالات الذكية كي يتصارعوا في تويتر ويترجموا المسلسلات الكورية في اليوتوب وينثرون تفاصيلهم اليومية في سناب شات ويقدمون نصائح التسوق في إنستغرام وإذا وجدوا ساعات من الفراغ في هذا البحر الإلكتروني المتلاطم فإنهم يهكرون حسابات بعضهم البعض!، وهذه طاقة مهدورة أكبر من الطاقة الشمسية التي أهدرناها من قبل ومثل الكميات الهائلة من المياه التي نفقدها في كل موسم أمطار ونحن نعاني من الشح المائي الشديد، ولو تم توجيه مؤسسات التعليم ومراكز البحوث لدعم المواهب الشابة في تقنية المعلومات وتحويل الابتكارات في هذا المجال إلى منتجات حقيقية لربما عثرنا على كنز يفوق البترول في أهميته ولحجزنا مكاننا في هذا الاقتصاد الإلكتروني الذي يتطور بسرعة البرق إلى درجة أننا لا يمكن أن نتخيل أنماطه الجديدة بعد بضع سنوات.. فالإنسان هو الأصل والشباب هم ثروتنا الحقيقية التي لن تخسر كل استثماراتنا فيها.
كل عام وأنتم بخير بمناسبة قرب حلول شهر رمضان الفضيل، ومبارك عليكم الشهر مقدما، وجريا على عادتنا السنوية في إغلاق هذا العمود خلال الشهر الفضيل وبعد أكثر من محاولة لإقناع رئيس تحريرنا الهمام، أستودعكم الله خلال شهر رمضان على أن نعود لكم على خير بإذن الله بعد عيد الفطر، وكل عام وأنتم بخير مرة أخرى.